للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يحلني، فجاءه فحله بيده، ثم قال يا رسول الله! إن تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي، فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «يجزيك الثلث أن تتصدق به». فنزلت الآية الكريمة والتي بعدها، وقد تضمنتا الحادثة، وفيها إشارة إلى قبول توبته والعفو عنه.

وأما بنو قريظة فقد حكم فيهم سعد رضي الله عنه أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى الذراري والنساء، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة». أي:

سبع سماوات، وذلك جزاء من ينقض العهد، ويحارب الله ورسوله. وسترى ذلك مفصلا في سورة (الأحزاب) إن شاء الله تعالى.

الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} انظر إعراب هذه الجملة في الآية رقم [٢٠]. {لا تَخُونُوا}:

مضارع مجزوم ب‍ {لا} الناهية، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها.

{اللهَ}: منصوب على التعظيم. {وَالرَّسُولَ}: معطوف على ما قبله. {وَتَخُونُوا}: مجزوم بسبب العطف على ما قبله، أو هو منصوب. ب‍ «أن» مضمرة بعد واو المعية، والجزم أو النصب بحذف النون، وعلى النصب تؤول «أن» المضمرة مع الفعل بمصدر معطوف على مصدر متصيد من الفعل السابق، والتقدير: لا يكن منكم خيانة لله ورسوله، ولا خيانة لأماناتكم، {أَمِنْتُكُمْ}:

مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، والكاف: في محل جر بالإضافة. {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} انظر إعراب مثل هذه الجملة ومحلها في الآية رقم [٢٠] ومفعول الفعل محذوف، كما رأيت في الشرح للتعميم.

{وَاِعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨)}

الشرح: {وَاعْلَمُوا}: أيقنوا. {أَمْوالُكُمْ}: قال ابن الأثير: المال في الأصل ما يملك من الذهب والفضة، ثم أطلق على كل ما يقتنى ويملك من الأعيان، وأكثر ما يطلق المال عند العرب على الإبل؛ لأنها أكثر أموالهم، وقال الجوهري: ذكر بعضهم: أن المال يؤنث، وأنشد لحسان رضي الله عنه: [البسيط]

المال تذري بأقوام ذوي حسب... وقد تسوّد غير السّيّد المال

وعن الفضل الضبي: المال عند العرب الصامت والناطق، فالصامت الذهب، والفضة، والجواهر، والناطق هو البعير والبقرة والشاة، فإذا قلت عن حضري: كثر ماله فهو الصامت، وإذا قلت عن بدوي كثر ماله فالمراد الناطق، والنشب: المال الثابت كالضياع، ونحوها، فلا يقال للمنقول من المال المذكور آنفا، قال عمرو بن معد يكرب الزبيدي: [البسيط]

أمرتك الخير فافعل ما أمرت به... فقد تركتك ذا مال، وذا نشب

<<  <  ج: ص:  >  >>