سورة (النمل)، وهي مكية كلها في قول الجميع، وهي ثلاث وتسعون آية، وألف وثلاثمئة وسبع عشرة كلمة، وأربعة آلاف وسبعمئة، وتسعة وتسعون حرفا. انتهى. خازن.
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ (١)}
الشرح: أرى أن تنظر شرح هذه الكلمات كلها في الآيتين رقم [١] و [٢] من سورة (الشعراء)، والإشارة إلى آي السورة. والكتاب المبين: إما اللوح المحفوظ، وإبانته: أنه خط فيه ما هو كائن. فهو يبينه للناظرين فيه من الملائكة، وتأخيره هنا باعتبار تعلق الله فيه، وتقديمه في سورة (الحجر) في قوله تعالى: {الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} باعتبار الوجود. أو المراد بالكتاب هنا: القرآن، فأخرج لفظ {الْكِتابِ} في سورة (الحجر) بلفظ المعرفة، و (القرآن) بلفظ النكرة، وهنا بعكس ذلك، وذلك؛ لأن القرآن، والكتاب اسمان يصلح لكل واحد منهما أن يجعل معرفة، وأن يجعل صفة، وعطف أحدهما على الآخر، كعطف إحدى الصفتين على الأخرى، أو من عطف المرادف على مرادفه. ووصفه بالمبين؛ لأنه بيّن فيه أمره، ونهيه، وحلاله، وحرامه، ووعده، ووعيده. وانظر وصفه بالحكيم في أول سورة لقمان.
هذا؛ والإشارة بقوله {تِلْكَ} إلى ما تضمنته السورة الكريمة من آيات القرآن، وإنما أدخل اللام على اسم الإشارة هنا وفي كثير من الآيات، وهي للبعد، والسورة الكريمة، بل القرآن كله في متناول اليد، وذلك للإيذان بعلو شأنه، وكونه في الغاية القصوى من الفضل، والشرف، وعلو المكانة، فكأنه بسبب ذلك بعيد كل البعد.
و (قرآن) مشتق من: قريت الماء في الحوض: إذا جمعته، فكأنه قد جمع فيه الحكم، والمواعظ، والآداب، والقصص، والفروض، وجميع الأحكام، وكملت فيه جميع الفوائد الهادية إلى طرق الرشاد. هذا؛ وهو في اللغة مصدر بمعنى الجمع، يقال: قرأت الشيء قرآنا؛ أي: جمعته، وبمعنى القراءة، يقال: قرأت الكتاب قراءة، وقرآنا، ثم نقل إلى هذا المجموع المقروء المنزل على الرسول صلّى الله عليه وسلّم، المنقول عنه بالتواتر، فيما بين الدفتين، وهو المراد. ويحرم