للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكون الطريق يبسا لا يضربه بعصاه، ولا يغير منه شيئا، ليدخله القبط، فإذا حصلوا فيه؛ أطبقه الله عليهم. هذا؛ والرهو: الفجوة الواسعة، وعن بعض العرب: أنّه رأى جملا فالجا، فقال:

سبحان الله وهو بين سنامين، فيكون المعنى: اترك البحر مفتوحا على حاله منفرجا ليدخله القبط. هذا؛ والرهو والرهوة: المكان المرتفع، والمنخفض أيضا، يجتمع فيه الماء، فهو من الأضداد، والرهو: المرأة الواسعة الهن. حكاه النضر بن شميل، والرهو: ضرب من الطير، ويطلق على غير ذلك. انظر القاموس المحيط.

والمعنى: إذا سرت يا موسى بقومك ليلا، وتبعك العدو، ووصلت إلى البحر، وأمرناك بضربه، وانفتح، ودخلت أنت، وقومك فيه، ونجوتم منه؛ فاتركه بحاله، ولا تضربه بعصاك ليلتئم، بل أبقه على حاله؛ ليدخله فرعون، وقومه، فينطبق عليهم. {إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ:} هذا إخبار من الله تعالى لموسى بإغراقهم؛ ليطمئن قلبه في تركه البحر كما هو، وبأنهم لن يدركوا من قبل بني إسرائيل وقد صرحت: آية سورة (طه) رقم [٧٧] بذلك: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى}.

الإعراب: {وَاتْرُكِ:} الواو: حرف عطف. (اترك): فعل أمر مبني على السكون، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {الْبَحْرَ:} مفعول به أول. {رَهْواً:} مفعول به ثان، أو هو حال من البحر، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {فَأَسْرِ بِعِبادِي..}. إلخ. {إِنَّهُمْ:} حرف مشبّه بالفعل، والهاء اسمها. {جُنْدٌ:} خبرها. {مُغْرَقُونَ:} صفة: {جُنْدٌ،} والجملة الاسمية تعليل للأمر. هذا؛ ويقرأ بفتح همزة «(أنّ)» في هذه الآية وسابقتها، وعليه فتؤول مع اسمها، وخبرها بمصدر في محل جر بلام تعليل مقدرة، التقدير: لكونهم جندا مغرقين.

{كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ (٢٧)}

الشرح: {كَمْ تَرَكُوا} أي: تركوا أمورا كثيرة، والمراد: فرعون، وقومه. {مِنْ جَنّاتٍ وَعُيُونٍ:} قيل: كانت البساتين ممتدة في حافتي النيل، فيها عيون، وأنهار جارية. {وَزُرُوعٍ} أي:

أنواع الزروع، وفي سورة (الشعراء) رقم [٥٨] زيادة: {وَكُنُوزٍ}. {وَمَقامٍ كَرِيمٍ} أي: حسن، وجميل، وهو ما كان لهم من المجالس، والمنازل الحسنة. قيل: المراد: مجالس الأمراء، والرؤساء؛ التي كانت لهم. وقيل: إن فرعون كان إذ قعد على سريره، وضع بين يديه ثلاثمئة كرسي من ذهب يجلس عليها الأشراف من قومه، والأمراء، وعليهم أقبية الذهب، مخوصة بالذهب. والمعنى: تركوا بساتينهم الغنّاء؛ التي فيها العيون الجارية، وأموالهم، ومجالسهم الحسنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>