والسابع: أنّ (أن) مفسرة بمعنى: (أي)، و (لا) ناهية، والفعل مجزوم لا منصوب، وكأنه قيل: أقول لكم: لا تشركوا به شيئا، وأحسنوا بالوالدين إحسانا. وهذان الوجهان الأخيران أجازهما ابن الشجري. انتهى مغني بحروفه.
أقول: ذكر الأوجه المتقدمة سليمان الجمل بتغيير بعض العبارات، والمؤدى واحد، وزاد:
ثامنا، وتاسعا.
فالوجه الثامن: أنّ (أن) وما بعدها في تأويل مصدر في محل رفع على الابتداء، والخبر الجارّ قبله، والتقدير: عليكم عدم الإشراك، ويكون الوقف على قوله:{حَرَّمَ رَبُّكُمْ} كما تقدم في وجه الإغراء، وهو مذهب أبي بكر ابن الأنباري.
والوجه التاسع: أن تكون في موضع رفع بالفاعلية بالجارّ قبلها، وهو ظاهر قول ابن الأنباري المتقدم، والتقدير: استقر عليكم عدم الإشراك انتهى.
الشرح:{وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أي: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بما فيه صلاحه، وتثميره، وتحصيل الربح له، فلا تأخذوا منه شيئا. وهذا إذا كان القيم على مال اليتيم غنيّا، غير محتاج إليه، فلو كان الوصي، أو القيم فقيرا؛ فله أن يأكل بالمعروف. انظر الآية رقم [٤/ ٦]. {حَتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ:} فقد اختلف في (الأشدّ) على أقوال كثيرة، والمراد ب:(الأشدّ) في هذه الآية، وأمثالها هو ابتداء بلوغ الحلم مع إيناس الرشد، وهو فحوى قوله تعالى:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ} الآية رقم [٦] من سورة (النساء).
{وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ:} يعني بالعدل من غير زيادة، ولا نقصان. {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها:} طاقتها في ذلك، وذكره عقيب الأمر معناه: أن إيفاء الحق عسير، فكأنه قيل: عليكم بما في وسعكم، وطاقتكم، وما عداه غير مؤاخذين به. وانظر (نا) في الآية رقم [٣٢](المائدة) وانظر الآية رقم [٧/ ٤١] و [٢/ ٢٨٥]. {وَإِذا قُلْتُمْ} أي: تكلمتم في حكم، أو غيره. {فَاعْدِلُوا:}
في قولكم، وحكمكم. {وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى} أي: ولو كان المحكوم عليه صاحب قرابة. وما أجدرك أن تنظر نص الآية رقم [٤/ ١٣٥] ورقم [٥/ ٨] ففيهما الدواء الناجع. {وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا} أي: ما عهد إلى عباده، ووصاهم به، وأوجبه عليهم. أو ما أوجبه الإنسان على نفسه، كنذر، ونحوه، فيجب الوفاء به. انتهى. خازن. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٥/ ١]. {ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ:} هو مثل الآية السابقة، وقد قرئ بتشديد الكاف، وتخفيفها.