للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (١١)}

الشرح: {فَوَقاهُمُ اللهُ..}. إلخ: أي: حفظهم الله، ودفع عنهم بأس ذلك اليوم، وشدته، وعذابه. {وَلَقّاهُمْ} أي: آتاهم، وأعطاهم حين لقوه يوم القيامة. {نَضْرَةً:} حسنا في الوجوه.

{وَسُرُوراً:} فرحا في القلوب. وفي النضرة ثلاثة أوجه: أحدها: البياض، والنقاء. قاله الضحاك. الثاني: الحسن، والبهاء. قاله ابن جبير. الثالث: أثر النعمة. قاله ابن زيد. وهذا كقوله تعالى في سورة (عبس): {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} وذلك: أن القلب إذا سر؛ استنار الوجه. قال كعب بن مالك-رضي الله عنه-في حديثه الطويل عن تخلفه في غزوة تبوك، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا سرّ؛ استنار وجهه؛ حتى كأنّه فلقة قمر». وقالت عائشة-رضي الله عنها-: «دخل عليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مسرورا، تبرق أسارير وجهه». من حديث الإفك الطويل.

الإعراب: {فَوَقاهُمُ:} الفاء: حرف سبب، واستئناف، أو وتفريع. (وقاهم): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والهاء مفعول به أول. {اللهُ:} فاعله. {شَرَّ:} مفعول به ثان، وهو مضاف، و {ذلِكَ} اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محل له. {الْيَوْمِ:} بدل من اسم الإشارة، أو عطف بيان عليه، والجملة الفعلية: (وقاهم...) إلخ مستأنفة، لا محل لها، والتي بعدها معطوفة عليها وإعرابها مثلها بلا فارق.

{وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (١٢)}

الشرح: {وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا} أي: بصبرهم على طاعة الله، واجتناب معصيته، وعلى البلاء، الذي من جملته الفقر، والجوع، مع الوفاء بالنذر، والإيثار. وانظر الآية رقم [١٠] من سورة (المزمل) هذا؛ والجزاء، والمجازاة، والمكافأة على عمل ما تكون في الخير، وتكون في الشر.

فمن الأول: ما في الآية الكريمة، وقوله تعالى في سورة (الرحمن): {هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ} والثاني كثير وذلك حينما يذكر عذاب الكافرين والظالمين، والفاسقين مثل: {وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ،} {وَذلِكَ جَزاءُ الظّالِمِينَ}. هذا؛ والفعل: جزى، يجزي ينصب مفعولين.

{جَنَّةً وَحَرِيراً:} قال الزمخشري: فإن قلت: ما معنى ذكر الحرير مع الجنة؟ قلت: المعنى وجزاهم ربهم بصبرهم على الإيثار، وما يؤدي إليه من الجوع، والعري بستانا، فيه مأكل هني، وحريرا فيه ملبس بهيّ. انتهى. وقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «من لبس الحرير في الدّنيا، لم يلبسه في الآخرة». وإنما ألبسهم الله إياه في الجنة عوضا عن حبسهم أنفسهم في الدنيا عن الملابس التي حرم الله فيها. وانظر الآية رقم [١٥] الآتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>