للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محذوف، وعليه فقد حذف المفعولان، وعلى الأول حذف المفعول الأول فقط. والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، وجملة: {وَأَكْدى} معطوفة أيضا على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {أَعِنْدَهُ:} (الهمزة): حرف استفهام توبيخي إنكاري. (عنده): ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدم، والهاء في محل جر بالإضافة. {عِلْمُ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ثان ل‍: (رأيت)، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، و {عِلْمُ} مضاف، و {الْغَيْبِ} مضاف إليه. {فَهُوَ:} (الفاء): حرف عطف. (هو): مبتدأ.

{يَرى:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف، والفاعل يعود إلى ما قبله، والمفعول به محذوف، التقدير: يرى أن غيره يتحمل عنه عذاب الاخرة. والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: (هو...) إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مثلها، قال أبو البقاء: (فهو يرى) جملة اسمية واقعة موقع الفعلية، والأصل: «أعنده علم الغيب فيرى» ولو جاء على ذلك لكان نصبا في جواب الاستفهام. قال الجمل: ولا ضرورة إلى دعوى وضع هذه الجملة موضع الفعلية، بل هي معطوفة على قوله: {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ} فهي داخلة في خبر الاستفهام، وتكون استفهامية خرجت مخرج الإنكار. قاله السفاقسي. انتهى.

{أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى (٣٦) وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفّى (٣٧) أَلاّ تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى (٤٠) ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى (٤١)}

الشرح: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ:} يخبر. {بِما فِي صُحُفِ مُوسى} أي: أسفار التوراة. {وَإِبْراهِيمَ} أي:

ويخبر بما في صحف إبراهيم بدليل قوله تعالى في سورة (الأعلى): {صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى}. {الَّذِي وَفّى} أي: كمل، وتمم ما أمر به. وقيل: عمل بما أمر به، وبلغ رسالات ربه إلى خلقه، ويشهد له قوله تعالى في سورة (البقرة): {وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً} رقم [١٢٤] انظر شرحها هناك، فإنه جيد يسرك، ويثلج صدرك. فقام بجميع الأوامر، وترك جميع النواهي، وبلغ الرسالة على التمام والكمال، فاستحق بهذا أن يكون إماما، يقتدى به، قال تعالى في سورة (النحل) رقم [١٢٣]: {ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.

روى ابن أبي حاتم عن أبي أمامة-رضي الله عنه-قال: تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الاية {وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفّى} قال: أتدري ما وفّى؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «وفّى عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار». وعن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه-رضي الله عنهما-عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنه قال:

«ألا أخبركم لم سمّى الله تعالى إبراهيم خليله الذي وفّى؟» إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى:

{فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} حتى ختم الاية من سورة (الروم) رقم [١٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>