للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قوله عزّ وجلّ: {بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ} الآية رقم [١١٢] من سورة (البقرة) قلت: معناه مع اللام: أنه جعل وجهه، وهو ذاته، ونفسه سالما لله؛ أي: خالصا له. ومعناه مع {إِلَى} راجع إلى أنه سلم إليه نفسه، كما يسلم المتاع إلى الرجل؛ إذا دفع إليه، والمراد: التوكل عليه، والتفويض إليه. انتهى. ومثله في الكشاف.

هذا؛ وإنما خص الوجه بالذكر؛ لأنه أشرف الأعضاء الظاهرة، وفيه أكثر الحواس، ولأنه موضع السجود، ومظهر آثار الخشوع، والخضوع، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَمَنْ:} الواو: حرف عطف، أو حرف استئناف. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يُسْلِمْ:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من). {وَجْهَهُ:} مفعول به، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {إِلَى اللهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {وَهُوَ:} الواو: واو الحال. (هو): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {مُحْسِنٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير المجرور محلا بالإضافة، والرابط: الواو، والضمير، وهو أولى من اعتبار الجملة معترضة. {فَقَدِ:} الفاء:

واقعة في جواب الشرط. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {اِسْتَمْسَكَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (من). {بِالْعُرْوَةِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {الْوُثْقى:}

صفة العروة مجرور مثله، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر، وجملة: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ..}. إلخ في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، فقيل: هو جملة الشرط، وقيل: جملة الجواب. وقيل: الجملتان، وهو المرجح لدى المعاصرين، والجملة الاسمية:

{وَمَنْ يُسْلِمْ..}. إلخ معطوفة على (إذا) ومدخولها في الآية السابقة، أو هي مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين. {وَإِلَى:} الواو: حرف استئناف. {(إِلَى اللهِ)}: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {عاقِبَةُ:} مبتدأ مؤخر، وهو مضاف، و {الْأُمُورِ} مضاف إليه، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.

{وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٣)}

الشرح: {وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ:} فإنه لا يضرك في الدنيا، والآخرة. {إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ} أي: يوم القيامة. {فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا:} فنخبرهم بأعمالهم التي عملوها في الدنيا، ونجازيهم عليها، فصار المعنى: لا يهمنك كفر من كفر، وكيده للإسلام، ومحاربته لك، وإيذاؤه لأصحابك، فإن الله عز وجل دافع كيده في نحره، ومنتقم منه، ومعاقبه على عمله. هذا؛ وقرئ

<<  <  ج: ص:  >  >>