وجملة {وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ} معطوفة عليها، على الوجهين المعتبرين فيها، وجملة:
{خَلَقَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، وكذلك جملة: {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} معطوفة عليها، وانظر ما ذكرته في الآية التالية من أوجه.
{كُلٌّ:} مبتدأ، جوز الابتداء به الإضافة المقدرة؛ إذ التقدير: كلهم. {يَجْرِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل يعود إلى: {كُلٌّ،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {لِأَجَلٍ:}
متعلقان بالفعل قبلهما. {مُسَمًّى:} صفة: (أجل) مجرور مثله، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والألف الثابتة دليل عليها، وليست عينها. {أَلا:} انظر مثلها في الآية رقم [٣]، والجملة الاسمية: {هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفّارُ} مستأنفة، لا محل لها أيضا.
{خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَأَنّى تُصْرَفُونَ (٦)}
الشرح: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ:} وهو آدم، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.
{ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها} أي: حواء عليهاالسّلام كقوله تعالى في الآية الأولى من سورة (النساء):
{يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً}. قال البيضاوي-رحمه الله تعالى-: نوع استدلال آخر بما أوجده في العالم السفلي مبدوآ من خلق الإنسان؛ لأنه أقرب، وأكثر دلالة، وأعجب، وفيه على ما ذكره ثلاث دلالات: خلق آدم-عليه السّلام-أولا من غير أب وأم، ثم خلق حواء من قصيراه، ثم تشعيب الخلق الفائت للحصر منهما. انتهى. هذا؛ والمشهور: أن خلق حواء كان من ضلع من أضلاع آدم اليسرى، وهو ما يحكيه المفسرون، وتؤيده الأحاديث الشريفة، من ذلك ما يلي:
عن سمرة بن جندب-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن المرأة خلقت من ضلع، فإن أقمتها كسرتها، فدارها تعش بها». رواه ابن حبان في صحيحه، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «استوصوا بالنساء، فإنّ المرأة خلقت من ضلع؛ وإنّ أعوج ما في الضّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء». رواه البخاري ومسلم وغيرهما، وخذ قول الشاعر: [الطويل]
هي الضّلع العوجاء لست تقيمها... ألا إنّ تقويم الضلوع انكسارها
أتجمع ضعفا واقتدارا على الفتى... أليس عجيبا ضعفها واقتدارها؟