{شاهِدٌ} أو بمحذوف صفة له، و (ها): في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:{قالَ..}. إلخ لا محل لها مثلها. {إِنْ}: حرف شرط جازم. {كانَ}: ماض ناقص مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط. {قَمِيصُهُ}: اسم {كانَ،} والهاء في محل جر بالإضافة. {قُدَّ}: ماض مبني للمجهول، ونائب فاعله يعود إلى قميصه. {مِنْ قُبُلٍ}: متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة:{قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} في محل نصب خبر {كانَ،} وجملة: {كانَ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {فَصَدَقَتْ}: الفاء: واقعة في جواب الشرط. (صدقت): ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل مستتر تقديره هي، والجملة الفعلية في محل جزم جواب الشرط، وهي على تقدير «قد» قبلها؛ إذ التقدير: فقد صدقت. {وَهُوَ}: الواو:
واو الحال. (هو): مبتدأ. {مِنَ الْكاذِبِينَ}: متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من فاعل (صدقت) المستتر، والرابط: الواو فقط على حد قوله تعالى: {قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} والجملة الشرطية: {إِنْ كانَ..}. إلخ في محل نصب مفعول به؛ لأن (شهد) بمعنى قال، أو هي في محل نصب مقول القول لقول محذوف، التقدير: وقال: {إِنْ كانَ..}. إلخ وقد صرح الجلال بتقدير هذا القول. تأمل.
الشرح: أقول: بالإضافة لما أدلى به الشاهد من شهادة معتمدا في شهادته على القياس والاعتبار، والعمل بالعرف والعادة من قدّ القميص مقبلا في حال الإرادة، والإغارة، ومن قدّه مدبرا في حال الإكراه، والملاحقة، والمطاردة، فهناك علامات كثيرة تدل على صدق يوسف عليه السّلام، وتنفي عنه الريبة، والتهمة: منها أن يوسف عليه السّلام كان في الظاهر مملوك هذه المرأة، والمملوك لا يجرؤ على مراودة سيدته، وطلب الفاحشة منها. ومنها: أن زوجها ومن كان معه قد شاهدوا يوسف يعدو هاربا منها، والطالب لا يهرب، ومنها: أنهم رأوا المرأة قد تزينت بأكمل الزينة، فكان إلحاق التهمة بها أولى، ومنها: أنهم عرفوا يوسف عليه السّلام في المدة الطويلة بينهم، فلم يروا عليه حالة تناسب إقدامه على مثل هذه الحالة، فمجموع هذه العلامات دلالة على صدقه مع قرينة الحال التي استدل به الشاهد على نزاهته وبراءته مما قذفته به، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
هذا؛ وقد قرئ «(قبل ودبر)» بضم كل حروفهما، قال الزجاج: بجعلهما غايتين كقبل وبعد، كأنه قال: من قبله ومن دبره، فلما حذف المضاف إليه، وهو مراد صار المضاف غاية نفسه، بعد أن كان المضاف إليه غاية له، وقرئ: «(من قبْل ومن دبْر)» بسكون عينهما وجر لامهما، وعن ابن أبي إسحاق أنه قرأ: «(من قبلَ، ومن دبرَ)» بفتح لامهما وضم عينهما، كأنه جعلهما علمين