للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ و {سُجَّداً} جمع: ساجد، وهو اسم فاعل لذا تعلق به الجار والمجرور، و (قياما) جمع قائم، وقدم السجود على القيام، وإن كان قبله في الفعل لمراعاة رؤوس الآي، كما ترى.

الإعراب: (الذين): معطوف على مثله في الآية السابقة، وجملة: {يَبِيتُونَ} صلة الموصول لا محل لها. {لِرَبِّهِمْ:} متعلقان بما بعدهما على التنازع، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {سُجَّداً} خبر:

{يَبِيتُونَ} على اعتباره ناقصا، وحال من واو الجماعة على اعتباره تاما. (قياما): معطوف على ما قبله بالواو العاطفة.

{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اِصْرِفْ عَنّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً (٦٥) إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (٦٦)}

الشرح: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ:} هذه صفة ثالثة من صفات: {وَعِبادُ الرَّحْمنِ}. {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنّا عَذابَ جَهَنَّمَ} أي: هم مع طاعتهم، وسجودهم، وقيامهم لربهم مشفقون خائفون من عذاب الله تعالى، يدعون بهذا الدعاء، وذلك لعدم اعتدادهم بأعمالهم، وعدم وثوقهم بنجاتهم من عذاب جهنم على ما هم عليه من العبادة، والطاعة، وحسن الحال. {إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً:} لازما لزوما كليا في حق الكفار، ولزوما بعد إطلاقهم إلى الجنة في حق عصاة المسلمين، وفي المختار: الغرام: الشر الدائم، والعذاب، وقوله تعالى: {إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً} أي: هلاكا لازما. انتهى. ومنه سمي الغريم لملازمته من له عليه حق، من دم أو مال، أو نحوهما، وفلان مغرم بكذا، أي: ملازم له ومولع به، وهذا معناه في كلام العرب فيما ذكر ابن الأعرابي، وابن عرفة وغيرهما، وقال الأعشى: [الخفيف]

إن يعاقب يكن غراما وإن يع‍... ط جزيلا فإنّه لا يبالي

وقال الحسن: كل غريم يفارق غريمه إلا غريم جهنم هذا؛ والمغرم بفتح الميم والراء:

الخسران، والضياع، ومن دعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «اللهمّ إنّي أعوذ بك من المأثم والمغرم، وأعوذ بك من الفتن، ما ظهر منها، وما بطن». وقال تعالى: {وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً..}.

إلخ الآية رقم [٩٨] من سورة (التوبة)، وفي حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي يرويه علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-: «إذا كانت الأمانة مغنما، والزّكاة مغرما...». والمغرم بزنة المفعول: أسير الحب، والعشق، وقول الله تعالى في سورة (الواقعة) {إِنّا لَمُغْرَمُونَ} معناه: إنا لملزمون غرامة ما أنفقنا. {إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً} أي: بئس المستقر، وبئس المقام، وقد أنث الفعل {ساءَتْ} مع كون الفاعل مميز بمذكر، وهو: مستقر؛ لأن «المستقر» عبارة عن جهنم، ولفظها

<<  <  ج: ص:  >  >>