الشرح:{سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ} أي: مستو منكم من أخفى القول وكتمه، ومن أظهره، وأعلنه. {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ} أي: مستتر بظلمته، {وَسارِبٌ بِالنَّهارِ} أي: ذاهب في النهار في سربه، أي: طريقه، ومعنى الآية: سواء ما أضمرت القلوب، أو نطقت به الألسن، وسواء من أقدم على القبائح مستترا في ظلمات الليل، أو أتى بها ظاهرا في النهار، فإن علمه تعالى محيط بالجميع، هذا؛ و {وَسارِبٌ} اسم فاعل من سرب في الأرض سروبا من بابي: قعد، وذهب، والسرب بكسر السين: الطريق، والنفس أيضا، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«من أصبح معافى في بدنه، آمنا في سربه، عنده قوت يومه فقد ملك الدّنيا بحذافيرها». والسرب بكسر السين أيضا: القطيع من القطا، والظباء، والوحش، والنخل، والخيل، والحمر، والنساء. هذا؛ ولا تنس ما في الآية من الطباق والمقابلة بين أسرّ وجهر، وبين مستخف وسارب، وهذا من المحسنات البديعية.
هذا؛ و {سَواءٌ}: مصدر بمعنى الاستواء، فلذا صح الإخبار به عن متعدد في كثير من الآيات، وقيل: هو بمعنى مستو، وهو لا يثنى، ولا يجمع، قالوا: هما وهم سواء، فإذا أرادوا لفظ المثنى، قالوا: سيان، وإن شئت قلت: سواءان، وفي الجمع: هم أسواء، وهذا كله ضعيف ونادر، وأيضا على غير القياس: هم سواس، وسواسية، أي: متساويان ومتساوون، هذا؛ والسواء أيضا: العدل والوسط، كما في قوله تعالى:{وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ}.
الإعراب:{سَواءٌ}: خبر مقدم. {مِنْكُمْ}: متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستتر في {سَواءٌ}. {مَنْ}: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر، هذا؛ ويجوز اعتبار {سَواءٌ} مبتدأ سوغ الابتداء به تعليق {مِنْكُمْ} بمحذوف صفة له، ويكون {مَنْ} خبره، وجملة:{أَسَرَّ الْقَوْلَ} صلة من، والعائد رجوع الفاعل عليه، و (من) الثانية معطوفة على ما قبلها على الاعتبارين فيها، وجملة:{جَهَرَ بِهِ} صلته أيضا، والعائد رجوع الفاعل أيضا. (من):
اسم موصول معطوف على ما قبله، {هُوَ}: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.