للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و «غير» مضاف، و {الْحَقِّ} مضاف إليه. هذا؛ وأجاز الجلال اعتبار (ما) في الموضعين موصولة، واعتبارها مصدرية أقوى. تأمل، وتدبر.

{وَاُذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٢١)}

الشرح: {وَاذْكُرْ أَخا عادٍ:} هو هود، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، كان أخاهم في النسب، لا في الدين، وقد مضت قصته مفصلة في سورة (الأعراف) وفي سورة (الشعراء) وفي السورة المسماة باسمه، فلا حاجة إلى المزيد على ما ذكرته في تلك السور. {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ:} خوفهم عقاب الله، وغضبه. والمعنى: اذكر لهؤلاء المشركين قصة هود مع قومه؛ ليعتبروا بها. وقيل: أمره بأن يتذكر في نفسه قصة هود؛ ليقتدي به، ويهون عليه تكذيب قومه له.

و (الأحقاف) ديار قوم عاد، وهي الرمال العظام في قول الخليل، وغيره، وكانوا قهروا أهل الأرض بفضل قوتهم. و (الأحقاف) جمع: حقف، وهو ما استطال من الرمل العظيم، واعوج ولم يبلغ أن يكون جبلا، والجمع: حقاف، وأحقاف، واحقوقف الرمل، والهلال؛ أي: اعوج.

وقال قتادة: هي جبال مشرفة بالشّحر، والشّحر قريب من عدن. وعنه أيضا: ذكر لنا: أنّ عادا كانوا أحياء باليمن، أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها: الشّحر. وقال مقاتل:

كانت منازل عاد باليمن في حضرموت، بموضع يقال له: مهرة، وإليه تنسب الإبل المهرية، فيقال: إبل مهرية، ومهاري، وهو المعتمد. والله أعلم. هذا؛ وقال صاحب القاموس:

(الأحقاف) جمع: الحقف بالكسر: المعوج من الرمل، والجمع: أحقاف، وحقاف، وحقوف، وجمع الجمع: حقائف، وحقفة. والحقف: رمل مستطيل مرتفع، فيه اعوجاج، وانحناء، ومنه:

احقوقف الشيء: اعوج، قال امرؤ القيس في معلّقته رقم [٢٨]: [الطويل] فلمّا أجزنا ساحة الحيّ وانتحى... بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل

{وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ:} مضت الرسل. {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} أي: قبل هود عليه السّلام، فالذين قبله أربعة: آدم، وشيث، وإدريس، ونوح. {وَمِنْ خَلْفِهِ} أي: جاؤوا بعد هود، كصالح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، وكذا سائر أنبياء، ورسل بني إسرائيل. {أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ} والمعنى: قال لهم هود: اعبدوا الله، ولا تعبدوا غيره أبدا. {إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} أي: قال لهم هود ذلك. هذا، وقد قال تعالى في سورة (فصلت): {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ} والمراد ب‍: {يَوْمٍ} يوم القيامة، وما بعده. هذا؛ والتعبير عن الأمام، والخلف بقوله تعالى: {ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ}

<<  <  ج: ص:  >  >>