للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، وخبر: {مَنْ} على اعتبارها مبتدأ مختلف فيه كما رأيت في الآية رقم [١٣١] والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {فَأُولئِكَ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (أولئك): اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له. {هُمُ:} ضمير فصل لا محل له. {الْخاسِرُونَ:} خبر المبتدأ. هذا؛ ويجوز اعتبار {هُمُ} مبتدأ ثانيا مبنيّا على السكون في محل رفع. {الْخاسِرُونَ:} خبره، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ الأول، وباقي الإعراب مثل الجملة السابقة بلا فارق، والجملة الاسمية: {وَمَنْ يُضْلِلْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٧٩)}

الشرح: {ذَرَأْنا:} خلقنا. {لِجَهَنَّمَ:} انظر دركات النار في الآية رقم [١٤٥] (النساء).

{الْجِنِّ وَالْإِنْسِ:} انظر الآية رقم [٦/ ١١٥] ففيها الكفاية. {لا يَفْقَهُونَ بِها:} لا يفقهون بها.

هذا؛ والفقه في اللغة: الفهم، والعلم بالشيء، ثم صار علما على اسم العلم في الدين لشرفه على غيره من العلوم، يقال: فقه الرجل يفقه فهو فقيه: إذا فهم، والفعل من باب فهم الذي هو بمعناه. وفقه من باب ظرف، وكرم: صار فقيها، ومعنى الجملة: لا يتفكرون بها في آيات الله، ولا يعلمون بها الخير والهدى، لإعراضهم عن الحق. وتركهم قبوله. {أَعْيُنٌ:} جمع عين.

وانظر الآية رقم [١١٦]. {لا يُبْصِرُونَ بِها:} لا يرون طريق الحق والهدى، ولا ينظرون بها في آيات الله وأدلة توحيده. {لا يَسْمَعُونَ بِها} أي: لا يسمعون المواعظ وآيات القرآن سماع قبول، وقد حذف مفعول هذا الفعل وسابقه للتعميم. وانظر الآية رقم [١٠٠].

{أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ} أي: إن الذين خلقهم الله لجهنم، وهم الذين حقت عليهم الكلمة الأزلية كالبهائم التي لا تعقل ما يقال لها؛ لأن الحواس المذكورة مشتركة بين الإنسان والحيوان، وإنما فضل الإنسان على سائر الحيوانات بالعقل والإدراك والفهم المؤدي إلى معرفة الحق من الباطل، والخير من الشر. وانظر شرح: {كَالْأَنْعامِ:} في الآية رقم [٦/ ١٣٦]. {بَلْ هُمْ أَضَلُّ} أي: من الأنعام؛ لأنها تطلب منافعها، وتهرب من مضارها، وهؤلاء يقدمون على النار معاندة. وانظر فضل الحمار على الجاهل في الآية رقم [٦/ ٣٥] وهل الكافر والعاصي إلا من أجهل الجهال؟! {أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ} أي: عن ما ينفعهم وما يضرهم. هذا؛ وانظر الآية رقم [٢/ ١٨] والآية رقم [٨/ ٢٢] تجد ما يسرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>