للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكيفية، واختلاف ألوان المخلوقات مع كثرتها؛ حتى لا يشبه بعضها بعضا من كل الوجوه. فيه دليل قاطع على كمال قدرة الله، ولذلك ختم الله الآية بطلب التذكر، والاعتبار، لعلهم يعتبرون.

بعد هذا انظر شرح: {لَآيَةً} في سورة (الحجر) رقم [١] أما (قوم) فهو اسم جمع لا واحد له من لفظه، مثل: رهط، ومعشر، وهو يطلق على الرجال دون النساء، بدليل قوله تعالى:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ} وقال زهير بن أبي سلمى المزني: [الوافر]

وما أدري-وسوف إخال أدري-... أقوم آل حصن، أم نساء؟

وربما دخل فيه النساء على سبيل التبع للرجال، كما في إرسال الرسل لأقوامهم؛ إذ إنّ كل لفظ (قوم) في القرآن الكريم، إنما يراد به الرجال، والنساء جميعا.

الإعراب: {وَما:} الواو: حرف عطف. (ما): اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون معطوفة على الليل... إلخ، فهي في محل نصب أيضا. {ذَرَأَ} ماض، وفاعله يعود إلى (الله). وقال أبو البقاء: (ما) منصوبة بفعل محذوف، تقديره: وخلق، أو وأنبت. {لَكُمْ فِي الْأَرْضِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {مُخْتَلِفاً:} حال من (ما). {أَلْوانُهُ:} فاعل فيه، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة: {ذَرَأَ..}. إلخ صلة (ما)، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: وخلق الذي، أو شيئا ذرأه... إلخ، {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً..}. إلخ: انظر الآية رقم [١١] ففيها الإعراب واضح، إن شاء الله تعالى.

{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٤)}

الشرح: لمّا ذكر الله سبحانه وتعالى الدلائل، الدالة على قدرته، ووحدانيته من خلق السموات والأرض، وخلق الإنسان من نطفة، وخلق سائر الحيوان، والنبات، وتسخير الشمس، والقمر، والنجوم، وغير ذلك، وذكر إنعامه في ذلك على عباده؛ ذكر بعد ذلك إنعامه على عباده بتسخير البحر لهم، ومعنى تسخيره لهم: تذليله بحيث يتمكن الناس من الانتفاع به، إما بالركوب على ظهره، أو بالغوص فيه، أو الصيد منه، وبدأ بذكر الأكل؛ لأنه أعظم المقصود؛ لأن به قوام البدن، وفي ذكر الطّري مزيد فائدة دالة على كمال قدرة الله تعالى، وذلك أن السمك لو كان كله مالحا لما كان فيه فائدة للإنسان، ووصفه بالطري؛ لأنه أرطب اللحوم، فيسرع إليه الفساد، فيسارع من يصيده إلى أكله.

<<  <  ج: ص:  >  >>