للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاِطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ (٧)}

الشرح: {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا}: لا يتوقعونه لإنكارهم للبعث، وذهولهم بالمحسوسات عما وراءها. هذا؛ وأصل الرجاء: الأمل في الشيء والطماعية فيه، وما في الآية بمعنى: لا يخالفون، أفاده القرطبي، ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي في صفة عسال، أي: الذي يقطف عسل النحل: [الطويل]

إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها... وخالفها في بيت نوب عواسل

وقيل: {لا يَرْجُونَ} هنا بمعنى يطمعون، ومنه قول سوّار بن المضرب السعدي، أحد بني سعد تميم، وكان قد هرب من الحجاج حين فرض البعث مع المهلب بن أبي صفرة لقتال الخوارج: [البسيط]

أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي... وقومي تميم، والفلاة ورائيا

وقال بعض العلماء: لا يقع الرجاء بمعنى الخوف، إلا مع الجحد، أي: النفي، كقوله تعالى: {ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلّهِ وَقاراً،} وقال بعضهم: بل يقع في كل موضع دل عليه المعنى، وهو المعتمد. {وَرَضُوا}: انظر الآية رقم [٥٨] (التوبة). {وَاطْمَأَنُّوا بِها}: سكنوا إلى الدنيا، وركنوا إليها وقصروا همهم على لذائذها وزخارفها. {وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ}: لا يتفكرون بهذه الآيات ولا يتدبرونها؛ لانهماكهم في جمع الدنيا وحطامها، وانصرافهم إلى شهواتها، وانظر (نا) في الآية رقم [٨] من سورة (هود) عليه السّلام.

الإعراب: {إِنَّ}: حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ}: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم {إِنَّ}. {لا}: نافية. {يَرْجُونَ}: فعل وفاعل. {لِقاءَنا}: مفعول به، و (نا): في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، وجملة: {لا يَرْجُونَ..}. إلخ صلة الموصول لا محل لها، وجملة: {وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا}: معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، وجملة: {وَاطْمَأَنُّوا بِها}: معطوفة على جملة الصلة لا محل لها أيضا. {وَالَّذِينَ}:

معطوف على اسم {إِنَّ}. {هُمْ}: ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {عَنْ آياتِنا}: متعلقان بما بعدهما، و (نا): في محل جر بالإضافة. {غافِلُونَ}: خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وفاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية: {هُمْ..}. إلخ صلة الموصول لا محل لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>