وفعلوا ما فعلوا بأصحابك في حرب أحد. وقيل: المعنى: لا تحزن على قتلى أحد، وما فعل بهم، فإنهم أفضوا إلى رحمة الله، ورضوانه. {وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ} أي: لا تغتمّ يا محمد، ولا يضيقنّ صدرك بسبب مكرهم، فإن الله مذلهم، وخاذلهم، وناصرك عليهم.
هذا؛ وقرئ: (ضيق) بفتح الضاد وكسرها، وهما لغتان كالقول والقيل، ويجوز أن يكون بالفتح مخففا من المشدد، مثل تخفيف: هين، ولين، ونحوهما. وقال الفراء: الضّيق: ما ضاق عنه صدرك، والضّيق: ما يكون في الذي يتسع، ويضيق، مثل الدار، والثوب. هذا؛ والمكر تدبير الأمر في الخفاء. وانظر شرح: {تَكُ} وإعلاله في الآية رقم [١٠٩] من سورة (هود) عليه السّلام، وانظر الآية رقم [٧٠] من سورة (النّمل) حيث تجد الآية بحروفها كاملة.
الإعراب: {وَاصْبِرْ:} الواو: حرف عطف. (اصبر): أمر، وفاعله: أنت، ومتعلقه محذوف للتعميم، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {وَما:} الواو: واو الحال. (ما): نافية. {صَبْرُكَ:} مبتدأ، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {إِلاّ:} حرف حصر. {بِاللهِ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الفاعل المستتر، والرابط: الواو، والضمير. {وَلا:} الواو: حرف عطف.
(لا): ناهية جازمة. {تَحْزَنْ:} مضارع مجزوم ب: (لا)، وفاعله مستتر تقديره: «أنت».
{عَلَيْهِمْ:} متعلقان به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا. {وَلا:}
الواو: حرف عطف. (لا): ناهية جازمة. {تَكُ:} مضارع ناقص مجزوم ب: (لا)، وعلامة جزمه السكون على النون المحذوفة للتخفيف، واسمه ضمير مستتر تقديره: «أنت». {فِي ضَيْقٍ:}
متعلقان بمحذوف خبر {تَكُ}. {مِمّا:} (من): حرف جر. (ما): مصدرية، تؤوّل مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر ب: (من)، التقدير: من مكرهم، والجار والمجرور متعلقان ب {ضَيْقٍ} أو بمحذوف صفة له. هذا؛ واعتبار (ما) موصولة، أو موصوفة فيه ضعف لا يخفى، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا.
{إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اِتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)}
الشرح: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ} أي: بالنصر والمعونة، والتأييد والتوفيق لصالح الأعمال، هذا؛ ومعيّة الله على نوعين: عامة، وخاصة، فالأولى لكل الناس، وهي معية بالعلم، والقدرة، والثانية للمؤمنين المتقين، والمحسنين، وهو ما تقدم، قال تعالى: {إِنَّ اللهَ مَعَ الصّابِرِينَ}.
{اِتَّقَوْا} أي: خافوا الله، فعملوا بأوامره، واجتنبوا نواهيه. وانظر مثله في الآية رقم [١٠٩] من سورة (يوسف) عليه السّلام. {وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} أي: الذين أحسنوا العمل من صلاة،