للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضا، وانظر {مُنْزَلاً} في الآية رقم [٢٩] من سورة (المؤمنون). {وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ:} بأحوال المسلمين المجاهدين، وأحوال أعدائهم. {حَلِيمٌ:} لا يعجل بالعقوبة على من عصاه. هذا؛ والحلم-بكسر الحاء، وسكون اللام: هو الأناة، والروية في الأمور، والتؤدة، والعقل، ومقابله السفه، والطيش الذي حدثتك عنه في الآية رقم [٦٦] من سورة (الأعراف) وغيرها. والحليم:

من أسماء الله الحسنى، ومعناه: الذي لا يستفزه عصيان العاصين، ولا يستثيره جحود الجاحدين. وانظر (الجهل) في الآية رقم [٦٣] من سورة (الفرقان) إن شاء الله تعالى.

الإعراب: {لَيُدْخِلَنَّهُمْ:} إعرابه مثل إعراب {لَيَرْزُقَنَّهُمُ} في الآية السابقة، وهو بدل منه، أو الجملة جواب قسم محذوف مثل الآية السابقة، والقسم، وجوابه كلام مستأنف لا محل له.

{مُدْخَلاً:} مفعول مطلق فيكون المفعول محذوفا، التقدير: ليدخلنهم الجنة إدخالا يرضونه، أو هو ظرف مكان وقع مفعولا به، انظر الشرح. {يَرْضَوْنَهُ:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والهاء مفعوله، والجملة الفعلية في محل نصب صفة (مدخلا) أي مرضيا عندهم، والجملة الاسمية: {وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ} مستأنفة لا محل لها، وإعرابها واضح إن شاء الله.

{ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٦٠)}

الشرح: {ذلِكَ:} الأمر ذلك، أو ذلك الأمر الذي قصصنا عليك. {وَمَنْ عاقَبَ:}

جازى، وانتقم {بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ:} اعتدي عليه، والمعنى: جازى الظالم بمثل ظلمه، عبر عن الجزاء بالعقاب مشاكلة لفعل الظالم، وهذه المشاكلة كثيرة في القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} وقوله: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ}. {ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ:} اعتدي عليه مرة ثانية، أي بالكلام، أو الإخراج من وطنه بالمضايقة ونحوها. {لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ:} لا محالة، والمراد محمد صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، فإن الكفار بغوا عليهم، وهو يشمل كل مظلوم إلى يوم القيامة إن شاء الله تعالى.

{إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ:} للمنتقم المجازي الظالم، حيث اتبع هواه في الانتقام، وأعرض عما ندب الله إليه في قوله: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} فإنه تعريض بالحث على العفو والمغفرة، فإنه تعالى مع كمال قدرته، وتعالي شأنه لما كان يعفو ويغفر، فغيره أولى، وتنبيه على أنه تعالى قادر على العقوبة؛ إذ لا يوصف بالعفو إلا القادر، و (عفوّ): كثير العفو، و {غَفُورٌ} كثير المغفرة، فهما صيغتا مبالغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>