للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (٩)}

الشرح: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً} أي: رخاء وسعة في الرزق والعيش، وصحة وعافية. {ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ}: سلبنا ذلك كله، وأصابته المصائب، فاجتاحته، وذهبت بنعمته.

{إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ} أي: يشتد حزنه ويقطع رجاءه، وأمله من رحمة الله، وذلك لقلة صبره، وعدم ثقته بالله.

هذا؛ وانظر {فَذُوقُوهُ} في الآية رقم [١٤] من سورة (الأنفال). {الْإِنْسانَ}: انظر الآية رقم [١٢] من سورة (يونس). {لَيَؤُسٌ}: انظر الآية رقم [٨٧] من سورة (يوسف). {كَفُورٌ}:

جحود قنوط من رحمة الله، هذا؛ والكفر ستر الحق بالجحود، والإنكار، وكفر فلان النعمة يكفرها كفرا، وكفورا، وكفرانا. إذا جحدها وأنكرها، وكفر الشيء: غطاه، وستره، وسمي الكافر: كافرا؛ لأنه يغطي نعم الله بجحدها، وعبادته غيره، وسمي الزارع: كافرا؛ لأنه يلقي البذر في الأرض، ويغطيه، ويستره بالتراب، قال تعالى في تشبيه حال الدنيا: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفّارَ نَباتُهُ} وسمي الليل كافرا؛ لأنه يستر كل شيء بظلمته، قال لبيد بن ربيعة الصحابي رضي الله عنه في معلقته: [الكامل]

حتّى إذا ألقت يدا في كافر... وأجنّ عورات الثّغور ظلامها

الإعراب: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ}: انظر إعراب مثل هذا في الآية رقم [٧] {مِنّا}: متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان ب‍ {رَحْمَةً،} أو هما متعلقان بمحذوف حال من {رَحْمَةً} كان صفة له... إلخ، انظر الآية رقم [٣] {رَحْمَةً}: مفعول به ثان. {نَزَعْناها}: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها. {مِنْهُ}: متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الاسمية: {إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ} جواب القسم لا محل لها، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٧] فهو مثله.

{وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠)}

الشرح: {وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرّاءَ} أي: أنعمنا على الإنسان، وبسطنا عليه في الرزق، وشفيناه من مرض وسقم. {لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي} أي: يقول الذي أصابه الخير، والسعة، والصحة، والعافية: ذهبت الشدائد، والمصائب، والعسر، والضيق، والسقم، والمرض عني، وإنما يقول الإنسان الكافر ذلك غرة بالله وجراءة عليه؛ لأنه لم يضف الأشياء والأحداث إلى الله، وإنما أضافها إلى العوائد، {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}: إنه أشر بطر، والفرح: لذة تحصل في القلب بنيل

<<  <  ج: ص:  >  >>