للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن يقيموا يقيموا، والوجه الثاني: أن الأمر المقدر للمواجهة، و {يُقِيمُوا} على لفظ الغيبة، وهو خطأ إذا كان الفاعل واحدا، والقول الثالث: أنه مجزوم بلام محذوفة، تقديره: ليقيموا، فهو أمر مستأنف، وجاز حذف اللام لدلالة قل على الأمر، وهذه الأقوال الثلاثة ذكرها مكي باختصار، وذكرها ابن هشام في مغنيه بإطناب. انظر الشواهد من [٤٠٨] إلى [٤١٤] من كتابنا: «فتح القريب المجيب». هذا ويشبه هذه الآية في تركيبها وإعرابها الآية رقم [٣٠] من سورة (النور)، والفعل {يُقِيمُوا} مجزوم على الوجوه المذكورة، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية مستأنفة، أو هي في محل نصب مقول القول على حسب الوجوه المعتبرة فيها.

{الصَّلاةَ:} مفعول به. (ينفقوا): معطوف على ما قبله مجزوم مثله، وعلامة جزمهما حذف النون؛ لأنهما من الأفعال الخمسة، والواو فاعلهما، والألف للتفريق {مِمّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً} انظر الإعراب مفصلا في الآية رقم [٢٢] من سورة (الرعد). {مِنْ قَبْلِ:} متعلقان بالفعل ينفقوا، والمصدر المؤول من {أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ} في محل جر بإضافة {قَبْلِ} إليه. {لا:} نافية حجازية تعمل عمل ليس، أو هي مهملة لا عمل لها، وهو الأقوى؛ لأنها تكررت. {بَيْعٌ:} اسم {لا،} أو هو مبتدأ. {فِيهِ:} متعلقان بمحذوف خبر {لا،} أو بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل رفع صفة {يَوْمٌ}. {وَلا:} الواو: حرف عطف، (لا): زائدة لتأكيد النفي. {خِلالٌ:}

معطوف على بيع. هذا؛ وقد قرئ في الآية رقم [٢٥٣] من سورة (البقرة) برفع {بَيْعٌ،} وبنائه على الفتح، انظر الآية وأوجه الإعراب فيها، ولم أعثر هنا على قراءة بغير الرفع.

{اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (٣٢)}

الشرح: {اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ} أي: أبدعهما واخترعهما على غير مثال سبق.

{وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ} أي: من السحاب، سمي السحاب سماء لارتفاعه، مشتق من السمو، وهو الارتفاع. وقيل: إن المطر ينزل من السماء إلى السحاب، ومن السحاب إلى الأرض.

{فَأَخْرَجَ بِهِ} أي: بذلك الماء. {مِنَ الثَّمَراتِ:} الثمر اسم يقع على ما يحصل من الشجرة، وقد يقع على الزرع أيضا بدليل قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ}. {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ:} ذلك السفن الجارية في أعماق البحار لمنافع الناس، حيث تسير من بلد إلى آخر، فهي من تمام نعمة الله على عباده. {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ} أي: ذللها لكم لتنتفعوا منها في الشرب منها، وسقي الزروع، والثمرات، ولما

<<  <  ج: ص:  >  >>