للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَهِيلاً:} سائلا بعد اجتماعه، والمهيل: هو الذي إذا وطئته بالقدم؛ زل من تحتها، وإذا أخذت أسفله؛ انهال. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أي: رملا سائلا متناثرا. قال ابن كثير: تصير الجبال ككثبان الرمال، بعد ما كانت حجارة صماء، ثم إنها تنسف نسفا، فلا يبقى منها شيء إلا ذهب، كقوله تعالى في سورة (طه): {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (١٠٥) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (١٠٦) لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً} أي: لا شيء يرتفع، ولا شيء ينخفض.

انتهى. وقال تعالى في سورة (الواقعة): {فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا}.

هذا؛ و (كانت) بمعنى: (تكون) والتعبير بالماضي عن المستقبل لتحقق الوقوع، وهو مستعمل في القرآن الكريم بكثرة، أما «مهيل» فهو اسم مفعول، أصله: مهيول، فقل في إعلاله:

اجتمع معنا حرف صحيح ساكن، وحرف علة متحرك، والحرف الصحيح أولى بالحركة من حرف العلة، فنقلت حركة الياء إلى الهاء قبلها بعد سلب سكونها، فصار (مهيول) فالتقى ساكنان: الياء والواو، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين. فصار (مهيل) ثم قلبت الضمة كسرة لمناسبة الياء، فصار: «مهيلا» ومثل «مهيل»: مبيع، ومعين، وغير ذلك كثير. قال عباس بن مرداس-رضي الله عنه-: [الكامل]

قد كان قومك يحسبونك سيّدا... وإخال أنّك سيّد معيون

الإعراب: {يَوْمَ:} ظرف زمان متعلق بخبر {إِنَّ} المحذوف لما فيه من معنى الفعل، أي:

استقر للكفار لدينا كذا، وكذا. قاله الزمخشري، ومن تبعه. وقال القرطبي: أي: ينكل بهم، ويعذبون يوم ترجف. وقيل: متعلق بمحذوف صفة (عذابا). {تَرْجُفُ:} فعل مضارع.

{الْأَرْضُ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {يَوْمَ} إليها. {وَالْجِبالُ:} معطوف على ما قبله. {وَكانَتِ:} الواو: حرف عطف. (كانت): فعل ماض ناقص، والتاء حرف لا محل له.

{الْجِبالُ:} اسمها. {كَثِيباً:} خبرها. {مَهِيلاً:} صفة {كَثِيباً،} والجملة: {وَكانَتِ الْجِبالُ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها.

{إِنّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (١٥)}

الشرح: بعد أن ذكر الله تعالى العذاب المؤلم الذي أعده للمشركين، ومكانه؛ وهو الجحيم، وآلاته؛ وهي القيود، وطعام الزقوم، ونحوه، ووقته؛ وهو عند اضطراب الأرض، وتزلزلها بمن عليها، وأراد بذلك تخويف المكذبين، وتهديدهم بأنه تعالى سيعاقبهم بذلك كله؛ إن بقوا مستمرين في تكذيبهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم أعقبه بتذكيرهم بما حل بالأمم الباغية التي قد خلت من قبلهم، وكيف عصت، وتمردت، فأنزل بها من أمره ما نزل، وضرب لهم المثل بفرعون الجبار فقال تعالى: {إِنّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ} يا أهل مكة. {رَسُولاً:} يعني محمدا صلّى الله عليه وسلّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>