للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {وَإِنَّ:}
الواو: واو الحال، (إن): حرف مشبه بالفعل. {لَهُ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (إنّ) مقدم. {عِنْدَنا:} ظرف مكان متعلق بالخبر المحذوف، أو بمحذوف خبر ثان، أو بمحذوف حال من الضمير المستتر في الخبر المحذوف. و (نا): ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {لَزُلْفى:}
اللام: لام ابتداء. (زلفى): اسم (إنّ) مؤخر منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر. والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير المجرور محلا باللام، والرابط:
الواو، والضمير. (حسن): معطوف على: (زلفى)، وهو مضاف، و {مَآبٍ} مضاف إليه، من إضافة الصفة المشبهة لفاعلها.
الشرح: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: المعنى: إن ترافع إليك الخصمان، فكان لك في أحدهما قرابة، أو نحوها؛ فلا تشته في نفسك الحق له ليفلج على صاحبه، فإن فعلت؛ محوت اسمك من نبوتي، ثم لا تكون خليفتي، ولا أهل كرامتي، فدل هذا على بيان وجوب الحكم بالحق، وألا يميل إلى أحد الخصمين لقرابة، أو رجاء نفع، أو سبب يقتضي الميل من صحبة، أو صداقة، أو غيرهما.
روى ابن أبي حاتم بسنده عن أبي زرعة، وكان قد قرأ الكتاب الأول: أن الوليد بن عبد الملك قال له: أيحاسب الخليفة، فإنك قد قرأت الكتاب الأول، وقرأت القرآن، وفقهت فيه؟ فقلت: يا أمير المؤمنين أقول؟ قال: قل في أمان الله، قلت: يا أمير المؤمنين أنت أكرم على الله، أو داود عليه الصلاة والسّلام؟ إن الله جمع له النبوة، والخلافة، ثم توعده في كتابه، فقال تعالى:{يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً..}. إلخ.
{يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً:} استخلفناك على الملك في هذه الدنيا، أو جعلناك خليفة ممن قبلك من الأنبياء القائمين بالحق. {فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ} أي: بحكم الله. {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى} أي: لا تمل مع ما تشتهي؛ إذا خالف أمر الله تعالى. {فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} أي: فيضلك، ويبعدك الهوى عن دين الله، وطريقه المستقيم، ونهجه القويم. {إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} أي: يحيدون عن الحق، ويزيغون عن الصراط المستقيم. {لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ} أي: في الآخرة.
{بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ:} بسبب نسيانهم، وهو ضلالهم عن السبيل، أو بسبب ترك الإيمان بيوم الحساب. وقيل: بتركهم العمل لذلك اليوم. وقيل: بترك العدل في الحكم، والقضاء.