للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنها): حرف مشبه بالفعل. و (ها): اسمها. {لَبِسَبِيلٍ:} اللام: هي المزحلقة. (بسبيل):

متعلقان بمحذوف خبر {إِنَّ}. {مُقِيمٍ:} صفة (سبيل). والجملة الاسمية: {وَإِنَّها..}. إلخ في محل نصب حال من الضمير المنصوب، والرابط: الواو، والضمير، وعليه فالجملة: {إِنَّ فِي ذلِكَ..}. إلخ معترضة بين الحال وصاحبها، وهذا أقوى من عطف الجملة الاسمية على الجملة المستأنفة قبلها. تأمل، وتدبر.

{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧) وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ (٧٨) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ (٧٩)}

الشرح: {إِنَّ فِي ذلِكَ} أي: الذي ذكر من عذاب قوم لوط. {لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} أي: لعبرة ودلالة للمصدقين المقرّين بما أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم. وصدقوا جميع الأنبياء والرسل، وعرفوا:

أن ذلك إنما كان لانتقام الله من الجهال لأجل مخالفتهم أوامر الله تعالى، وأما الذين لا يؤمنون فيحملونه على حوادث العالم، وحصول القرانات الكوكبية والاتصالات الفلكية، وجمع «الآيات» أولا، باعتبار تعدد ما قصّ الله من حديث لوط، وضيف إبراهيم، وتعرض قوم لوط لهم، وما كان من هلاكهم، وقلب المدائن على من فيها، وإمطار الحجارة على من غاب عنها، ووحدها ثانيا باعتبار وحدة قرية قوم لوط المشار إليها بقوله: {وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} فلا يرد كيف جمع «الآية» أولا، ووحدها ثانيا، والقصّة واحدة. انتهى. جمل، نقلا عن كرخي.

{وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ:} انظر ما ذكرته في الآية رقم [٨٣] وما بعدها من سورة (هود) عليه السّلام، ففيه الغذاء الكافي، والدواء الشافي، لمن كان له قلب، أو ألقى السمع، وهو شهيد.

{فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ} أي: أهلكناهم انتقاما منهم لسوء أعمالهم، والانتقام: المبالغة في العقوبة، والأخذ الشديد بالثأر. {وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ} أي: إن مدينة قوم لوط، ومدينة أصحاب الأيكة بطريق واضح مستبين لمن مرّ بهما. وقيل: إن الضمير يعود إلى مدين والأيكة اللتين أرسل إليهما شعيب عليه السّلام؛ لأنه بعث إليهما كما رأيت في الآيات المشار إليها من سورة (هود). هذا؛ وسمي الطريق إماما؛ لأنه يؤتم ويتبع، والمسافر يأتم به حتى يصل إلى مقصده، ففي ذلك استعارة تصريحية؛ لأن الطريق سبيل الوصول والمسافر فيه يتبعه حتى النهاية فاستعمل المشبه به بدلا من المشبه، وانظر قصة أصحاب الأيكة مفصلة في سورة (الشعراء)، فإنك تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

الإعراب: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} إعراب هذه الآية مثل إعراب الآية رقم [٧٥] والجملة الاسمية فيها معنى التأكيد لتلك الجملة. {وَإِنْ:} الواو: حرف استئناف، أو هي حرف عطف لعطف قصة على قصة. (إن): حرف مشبه بالفعل، مخفف من الثقيلة، مهمل لا عمل له.

{كانَ:} ماض ناقص. {أَصْحابُ:} اسم {كانَ،} وهو مضاف، و {الْأَيْكَةِ:} مضاف إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>