ولقد خشيت بأنّ من تبع الهدى... سكن الجنان مع النّبيّ محمّد
قالوا: معناه: علمت. وقوله تعالى في سورة (الكهف) رقم [٨١]: {فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً} قال الأخفش: معناه: كرهنا. والله أعلم بمراده.
الإعراب:{فَذَكِّرْ:} الفاء: هي الفصيحة. (ذكر): فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت»، والمفعول محذوف للتعميم. والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب لشرط غير جازم مقدر ب:«إذا»، التقدير: وإذا كان ما ذكر حاصلا، وواقعا؛ فذكر. {إِنْ:} حرف شرط جازم.
{نَفَعَتِ:} فعل ماض في محل جزم فعل الشرط، والتاء للتأنيث. {الذِّكْرى:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، والجملة الشرطية مرتبطة بما قبلها غير منفكة عنها. {سَيَذَّكَّرُ:} السين: حرف استقبال. (يذكر): فعل مضارع. {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية مستأنفة، وجملة {يَخْشى} صلة الموصول، لا محل لها.
الشرح:{وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى} أي: يرفض الموعظة، ويبتعد عن قبولها الكافر المبالغ في الشقاوة. وهذا المقدر له ذلك في علم الله الأزلي. {الَّذِي يَصْلَى النّارَ الْكُبْرى:} هي نار الآخرة، والنار الصغرى هي نار الدنيا. فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«ناركم هذه مما يوقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزءا من نار جهنّم». قالوا: والله إن كانت لكافية! قال:
«إنّها فضّلت عليها بتسعة وستين جزءا، كلهنّ مثل حرّها». رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما.
{ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى} أي: لا يموت، فيستريح من العذاب، ولا يحيا حياة تنفعه، كقوله تعالى في سورة (فاطر) رقم [٣٦]: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها،} وقوله تعالى في سورة (إبراهيم) رقم [١٧]: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ،} وقال الشاعر: [الطويل]
ألا من لنفس لا تموت فينقضي... عناها ولا تحيا حياة لها طعم
وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أمّا أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون، ولا يحيون، ولكن أناس تصيبهم النار بذنوبهم (أو قال: بخطاياهم) فيميتهم إماتة؛ حتى إذا ما صاروا فحما؛ أذن في الشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر، فبثّوا على أنهار الجنة، فيقال: يا أهل الجنة! أفيضوا عليهم. فينبتون نبات الحبة في حميل السّيل». رواه الإمام مسلم، وأحمد. ولا تنس الطباق بين {يَمُوتُ} و {يَحْيى} والمقابلة بين الآيتين [١٠] و [١١].