{رَبَّنا:} منادى حذف منه أداة النداء، و (نا): في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {عَلَيْكَ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما، والتقديم أفاد التخصيص. {تَوَكَّلْنا:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية من مقول إبراهيم أيضا، ومن معه، فهو من جملة المستثنى منه فيتأسى به فيه، فهو في المعنى مقدم على الاستثناء، وجملة الاستثناء اعتراضية في خلال المستثنى منه. هذا؛ ويحتمل أن تكون الجملة وما بعدها في محل نصب مقول القول لقول محذوف، التقدير: قولوا: ربنا عليك توكلنا، فهو من مقول الله تعالى.
{وَإِلَيْكَ:} الواو: حرف عطف. (إليك): متعلقان بما بعدهما. {أَنَبْنا:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. (إليك): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، {الْمَصِيرُ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها.
الشرح:{رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} أي: لا تنصر الكافرين علينا، فيكون ذلك فتنة لنا في الدين، أو لا تمتحنا بأن تعذبنا على أيديهم. وقال مجاهد: المعنى: لا تهلكنا بأيدي أعدائنا، ولا تعذبنا بعذاب من عندك، فيقول أعداؤنا: لو كانوا على حق؛ لم نسلط عليهم، فيفتنوا. وقال أبو مجلز، وأبو الضحاك: يعني: لا تظهرهم علينا، فيروا: أنهم خير منا، فيزدادوا طغيانا، وكفرا. وقيل: المعنى لا تسلطهم علينا، فيفتنونا، ويعذبونا. {وَاغْفِرْ لَنا:}
ذنوبنا. {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ:} القوي القاهر، الغالب القادر. {الْحَكِيمُ:} تفعل ما تشاء، ولا تفعل إلا ما فيه حكمة.
فائدة: قال مكي بن أبي طالب القيسي-رحمه الله تعالى-: ونداء الرب قد كثر حذف (يا) النداء منه في القرآن الكريم، وعلة ذلك: أن في حذف (يا) من نداء الرب تعالى فيه معنى التعظيم له، والتنزيه، وذلك: أن النداء فيه ضرب من معنى الأمر؛ لأنك إذا قلت: يا زيد؛ فمعناه: تعال يا زيد، أدعوك يا زيد، فحذفت (يا) من نداء الرب ليزول معنى الأمر، وينقص؛ لأن (يا) تؤكده، وتظهر معناه، فكان في حذف (يا) التعظيم، والإجلال، والتنزيه للرب تعالى، فكثر حذفها في القرآن، والكلام العربي في نداء الرب لذلك المعنى. انتهى. أقول: والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{رَبَّنا:} منادى حذف منه أداة النداء. (ونا): في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {لا تَجْعَلْنا:} فعل مضارع مجزوم ب: {لا،} والفاعل مستتر تقديره: «أنت»، و (نا) مفعول به أول، {فِتْنَةً:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية مستأنفة مع الجملة الندائية قبلها، لا محل لهما؛ لأنهما دعاء متعدد لا ارتباط لكلّ بسابقه، كالجمل المتعددة، وليس هو، وما بعده بدلا مما قبله، كما قيل؛ لعدم اتحاد المعنيين لا كلا، ولا