للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(هود) نزلت قبل يونس، وإنه تحداهم أولا بعشر سور، فلما عجزوا تحداهم بسورة (يونس)، وأنكر المبرد هذا القول، وقال: إن سورة (يونس) نزلت أولا. قال: ومعنى قوله في سورة (يونس): {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} يعني مثله في الإخبار عن الغيب، والأحكام، والوعيد، وقوله في سورة (هود): {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ} يعني في مجرد الفصاحة والبلاغة من غير خبر عن غيب، ولا ذكر حكم، ولا وعد ولا وعيد. انتهى. بحروفه.

{فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤)}

الشرح: قال الخازن رحمه الله تعالى: اعلم أنه لما اشتملت الآية المتقدمة على أمرين وخطابين: أحدهما: أمر، وخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو قوله سبحانه وتعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ} والثاني: أمر وخطاب للكفار، وهو قوله تعالى: {وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ} ثم أتبعه بقوله تبارك وتعالى: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} احتمل أن يكون المراد أن الكفار لم يستجيبوا في المعارضة لعجزهم عنها، واحتمل أن يكون المراد: أنّ من يدعون من دون الله لم يستجيبوا للكفار في المعارضة، فلهذا اختلف المفسرون في معنى الآية على قولين:

-أحدهما: أنه خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين؛ وذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين معه كانوا يتحدون الكفار بالمعارضة ليتبين عجزهم، فلما عجزوا عن المعارضة، قال الله سبحانه وتعالى لنبيه والمؤمنين. {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} فيما دعوتموهم إليه من المعارضة وعجزوا عنه؛ {فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ} أي: اثبتوا على العلم الذي أنتم عليه، وازدادوا يقينا وثباتا؛ لأنهم كانوا عالمين بأنه منزل من عند الله، وقيل: الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم وحده، وإنما ذكره بلفظ الجمع تعظيما له صلّى الله عليه وسلّم.

-القول الثاني أن الكلام خطاب مع الكفار، وذلك أنه سبحانه وتعالى لما قال في الآية المتقدمة: {وَادْعُوا..}. إلخ؛ قال في هذه الآية: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} أيها الكفار، ولم يعينوكم؛ {فَاعْلَمُوا أَنَّما..}. إلخ. انتهى. بتصرف.

{فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}: فيه معنى الأمر، أي: أسلموا، وأخلصوا لله العبادة، وإن كان الخطاب للمؤمنين، فكان معنى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} الترغيب، أي: اثبتوا، ودوموا على ما أنتم عليه من الإسلام. انتهى. هذا؛ وانظر ما ذكرته في التركيب: {فَإِلَّمْ} في الآية رقم [٢٣] من سورة (الأعراف) عن مكي؛ فإنه جيد جدا.

الإعراب: {فَإِلَّمْ}: الفاء: حرف عطف وتفريع. (إن): حرف شرط جازم. (لم): حرف نفي وقلب وجزم. {يَسْتَجِيبُوا}: مضارع مجزوم ب‍ (لم)، وهو في محل جزم فعل الشرط، وعلامة

<<  <  ج: ص:  >  >>