المستتر، ولا يحسن أن يكون حالا من {إِبْراهِيمَ؛} لأنه مضاف إليه، ولا وجه له؛ لأن شرط مجيء الحال من المضاف إليه أن يكون المضاف كالجزء من المضاف إليه من حيث صحة الاستغناء بالثاني عن الأول، وهذا الشرط متوفر؛ إذ يصح أن يقال: أن اتبع إبراهيم حنيفا، وخذ قول ابن مالك رحمه تعالى في ألفيته:[الرجز]
ولا تجز حالا من المضاف له... إلاّ إذا اقتضى المضاف عمله
أو كان جزء ماله أضيفا... أو مثل جزئه فلا تحيفا
والجملة الفعلية مفسرة لا محل لها. هذا؛ وبعضهم يعتبر {أَنِ} مصدرية تؤوّل بمصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: بأن... إلخ، والأول: أقوى وهو المعتمد، وجملة:
{أَوْحَيْنا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا. {وَما:} الواو: واو الحال. (ما):
نافية. {كانَ:} ماض ناقص، واسمه يعود إلى {إِبْراهِيمَ}. {مِنَ الْمُشْرِكِينَ:} متعلقان بمحذوف خبر كان، وجملة:{كانَ..}. إلخ في محل نصب حال من إبراهيم أيضا، والرابط: الواو، ورجوع الضمير إليه. هذا؛ والاستئناف ممكن. تأمل.
الشرح:{إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} أي: فرض تعظيم يوم السبت على الذين اختلفوا فيه، وهم اليهود، روى الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس-رضي الله عنهم أجمعين-قال: قال أمرهم موسى عليه السّلام بتعظيم يوم الجمعة، فقال: تفرغوا لله في كل سبعة أيام يوما، فاعبدوه في يوم الجمعة، ولا تعملوا فيه شيئا من صنعتكم، وستة أيام لصنعتكم، فأبوا عليه. وقالوا: لا نريد إلا اليوم الذي فرغ الله فيه من الخلق، وهو يوم السبت، ففرض ذلك اليوم عليهم، وشدد عليهم فيه، ثم جاءهم عيسى عليه السّلام أيضا بيوم الجمعة، فقالت النصارى: لا نريد أن يكون عيدهم بعد عيدنا، يعنون اليهود فاتخذوا الأحد، فاعطى الله عز وجل الجمعة لهذه الأمة، فقبلوها، فبورك لهم فيها. انتهى خازن.
عن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«نحن الآخرون السابقون يوم القيامة؛ بيد أنّهم أوتوا الكتاب من قبلنا، فاختلفوا فيه، وأوتيناه من بعدهم، فهذا يومهم الذي فرض عليهم، فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فهم لنا فيه تبع، فغدا لليهود، وبعد غد للنصارى». متفق عليه.
هذا؛ وقال قتادة: الذي اختلف فيه اليهود، استحله بعضهم، وحرمه بعضهم، فعلى هذا القول يكون معنى قوله:{إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ} أي: وبال السبت، ولعنته على الذين اختلفوا