للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ (٤٥)}

الشرح: {قُلْ:} الخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم. {إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ:} أخوفكم بما يوحى إليّ، وهو القرآن. {وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ} أي: من أصم الله قلبه من فهم آيات القرآن، وختم على سمعه، فلا يسمعه سماع قبول، وجعل على بصره غشاوة، فلا ينظر فيه نظر تبصر، واعتبار، هذا؛ ويقرأ: «(لا تسمع الصّمّ)» و «(لا يسمع الصّمّ)». {إِذا ما يُنْذَرُونَ} أي: يخوفون، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

هذا؛ والمراد ب‍: {الدُّعاءَ} الدعوة إلى الإيمان، والتوحيد، ونبذ عبادة الأوثان، وقد اعتبرهم الله صمّا مع كونهم لهم آذان؛ لأنهم لم يسمعوا سماع قبول. هذا؛ وأصل الوحي:

الإشارة السريعة، والوحي: الكتاب المنزل على الرسول المرسل لقومه، مثل: موسى، وعيسى، ومحمد صلّى الله عليه وسلّم أجمعين، والوحي أيضا: الكتابة، والرسالة، والإلهام، والكلام الخفي، وكل ما ألقيته إلى غيرك، وتسخير الطير لما خلق له إلهام، والوحي إلى النّحل، وتسخيرها لما خلقها الله له إلهام أيضا، وانظر الآية رقم [٦٨] من سورة (النحل). هذا؛ والفعل {يَسْمَعُ} من الأفعال الصوتية، إن تعلق بالأصوات تعدى إلى مفعول واحد، وإن تعلق بالذوات تعدى إلى اثنين، والثاني منهما جملة فعلية مصدرة بمضارع من الأفعال الصوتية، مثل قولك: سمعت فلانا يقول كذا. وهذا اختيار الفارسي، واختار ابن مالك، ومن تبعه أن تكون الجملة الفعلية في محل نصب حال، إن كان المتقدم معرفة، وصفة إن كان نكرة، مثل قولك: سمعت رجلا يقول كذا.

الإعراب: {قُلْ:} أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {إِنَّما:} كافة ومكفوفة.

{أُنْذِرُكُمْ:} مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «أنا»، والكاف مفعول به. {بِالْوَحْيِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): نافية. {يَسْمَعُ:} مضارع. {الصُّمُّ:}

فاعله. {الدُّعاءَ:} مفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها فهي في محل نصب مقول القول. {إِذا:} ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل {يَسْمَعُ،} أو ب‍: {الدُّعاءَ}. {إِنَّما:} صلة. {يُنْذَرُونَ:} مضارع مبني للمجهول مرفوع... إلخ، والواو نائب فاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذا} إليها.

{وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنّا كُنّا ظالِمِينَ (٤٦)}

الشرح: {وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ:} المعنى: ولئن أصابتهم عقوبة قليلة من عذاب الله. هذا؛ وفي قوله: {نَفْحَةٌ} تقليل ما يصيبهم، فإن أصل النفح هبوب رائحة الشيء،

<<  <  ج: ص:  >  >>