والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. {وَالْمُقِيمِي:} معطوف على (الصابرين) فهو منصوب مثله، وعلامة النصب فيهما الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنهما جمعا مذكر، وفاعلهما مستتر فيهما، وحذفت النون من الثاني للإضافة، وهو مضاف، و {الصَّلاةِ} مضاف إليه من إضافة جمع اسم الفاعل لمفعوله، هذا؛ وقرئ: «(والمقيمين الصلاة)» بإثبات النون ونصب الصلاة على الأصل، كما قرئ بحذف النون ونصب الصلاة على توهم النون، وأن حذفها للتخفيف لطول الاسم، وأنشد سيبويه قول الشاعر:[المنسرح]
الحافظو عورة العشيرة لا... يأتيهم من ورائنا نطف
هذا، وجملة «أمدح الصابرين...» إلخ مستأنفة، وعطفها على صلة الموصول غير منسجم معنى. {وَمِمّا:} الواو: حرف عطف. (مما): متعلقان بالفعل {يُنْفِقُونَ} بعدهما، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر ب:(من) والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: ينفقون من الذي، أو: من شيء رزقناهم إياه، وهذه الجملة معطوفة على ما قبلها. هذا؛ ويظهر لي صحة عطف الجمل الثلاث على الموصول، وصلته، وذلك على اعتبار «أل» ب: (الصابرين) و (المقيمي) موصولة فيكون المعنى: والذين يصبرون، والذين يقيمون الصلاة، والذين ينفقون مما رزقناهم. وهذا حل معنى، لا حل إعراب. تأمل.
الشرح:{وَالْبُدْنَ:} جمع بدنة وهي الناقة من الإبل، وقد سميت بها الإبل لعظم بدنها، مأخوذة من: بدن الرجل، يبدن بدنا، وبدانة، فهو بادن، أي: ضخم. والصحيح: أن البدنة لا تطلق على البقرة، وإن كانت تشاركها في الإجزاء عن سبعة؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة-رضي الله عنه-في فضل التبكير لصلاة الجمعة:«من راح في الساعة الأولى؛ فكأنّما قرّب بدنة، ومن راح في السّاعة الثانية؛ فكأنّما قرّب بقرة...» إلخ فتفريقه صلّى الله عليه وسلّم بين البقرة، والبدنة يدل على أن البقرة، لا يقال لها بدنة. والله أعلم. هذا؛ ويقرأ (البدن) بضم الدال وسكونها.
{جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ} أي: من أعلام دينه. قيل: لأنها تشعر؛ أي: تطعن بحديدة في سنامها فتعرف بذلك: أنها هدي، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٢]. {لَكُمْ فِيها خَيْرٌ:} المراد بهذا الخير: المنافع التي ذكرت في الآية [٣٣]. والصواب عمومه هنا في خيري الدنيا والآخرة.