للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ و {النّاسَ} اسم جمع لا واحد له من لفظه، مثل: قوم، ورهط... إلخ، واحده إنسان من غير لفظه، وهو يطلق على الإنس، والجن، ولكن غلب استعماله في الإنس، قال تعالى:

{مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ} وأصله: الأناس، حذفت منه الهمزة تخفيفا على غير قياس، وحذفها مع لام التعريف كاللازم، لا يكاد يقال: الأناس، وقد نطق القرآن الكريم بهذا الأصل، ولكن بدون لام التعريف، قال تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ} رقم [٧١] من سورة (الإسراء). وقيل: إن أصله: النّوس، ولم يحذف منه شيء، وإنما قلبت الواو ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها.

الإعراب: {تَنْزِعُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى (الريح). {النّاسَ:} مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب صفة {رِيحاً،} أو في محل نصب حال منه بعد وصفة بما ذكر، والرابط على الاعتبارين: الضمير. {كَأَنَّهُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {أَعْجازُ:} خبر (كأنّ)، و {أَعْجازُ} مضاف، و {نَخْلٍ} مضاف إليه. {مُنْقَعِرٍ:} صفة {أَعْجازُ،} وانظر ما ذكرته في الشرح، أو صفة ل‍: {نَخْلٍ} وهو الظاهر، والأقوى، وجملة: {كَأَنَّهُمْ..}. إلخ في محل نصب حال من فاعل {تَنْزِعُ} المستتر، والرابط: الضمير فقط، وتقدم إعراب الايتين التاليتين فيما تقدم.

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣) فَقالُوا أَبَشَراً مِنّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٢٤)}

الشرح: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ:} هم قوم صالح-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام- كذبوا الرسل، ونبيّهم، أو كذبوا بالايات التي هي النذر. هذا؛ وقد تقدمت قصة صالح مع قومه في كثير من السور. {فَقالُوا أَبَشَراً مِنّا واحِداً نَتَّبِعُهُ:} قال الزمخشري: فإن قلت: كيف أنكروا أن يتبعوا بشرا منهم واحدا؟ قلت: قالوا: {أَبَشَراً} إنكارا؛ لأن يتبعوا مثلهم في الجنسية، وطلبوا أن يكون من جنس أعلى من جنس البشر، وهم الملائكة، وقالوا: {مِنّا؛} لأنه إذا كان منهم؛ كانت المماثلة أقوى، وقالوا: {واحِداً} إنكارا؛ لأن تتبع الأمة رجلا واحدا، أو أرادوا واحدا من أفنائهم، ليس بأشرافهم، وأفضلهم، ويدل عليه قولهم: {أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا}.

{إِنّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ} أي: ذهاب عن الصواب. {وَسُعُرٍ} أي: جنون: من قولهم: ناقة مسعورة؛ أي: كأنها من شدة نشاطها مجنونة. ذكره ابن عباس-رضي الله عنهما-، قال الشاعر: [الطويل] تخال بها سعرا إذا السّفر هزّها... ذميل، وإيقاع من السّير متعب

وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أيضا: السّعر: العذاب، وقاله الفراء. وقال مجاهد:

بعد الحق. وقال السّدّي: في احتراق، قال طرفة بن العبد: [الرمل] أضحوت اليوم أم شاقتك هرّ... ومن الحبّ جنون مستعر

<<  <  ج: ص:  >  >>