للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موصول مبني على السكون في محل نصب صفة لفظ الجلالة، أو بدل منه. {أَنْتُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {بِهِ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما. {مُؤْمِنُونَ:}

خبر المبتدأ مرفوع... إلخ، والجملة الاسمية صلة الموصول، لا محل لها.

{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاِسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)}

الشرح: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ..}. إلخ: لمّا فتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة؛ جاء نساء أهل مكة يبايعنه على الإسلام، كما بايعه الرجال، وكان على الصفا، وعمر بن الخطاب أسفل منه يبلغهن عنه، وهند بنت عتبة امرأة أبي سفيان متنقبة متنكرة مع النساء خوفا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يعرفها، وكانت قد شقت بطن الحمزة-رضي الله عنه-يوم أحد، وقد نزلت الاية الكريمة التي نحن بصدد شرحها.

هذا؛ ويقرأ بالهمز: «(يا أيها النبيء)» ومعناه: يا أيها المخبر عنا، المأمون على أسرارنا، المبلغ خطابنا إلى أحبابنا، وإنما لم يقل: يا محمد، كما قال: يا آدم، يا نوح، يا موسى... إلخ، تشريفا له، وتنويها بفضله، وتصريحه باسمه في قوله جل ذكره: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ} الاية الأخيرة من سورة (الفتح) ونحوها، لتعليم الناس بأنه رسول الله. انتهى. نسفي في غير هذا الموضع، وينبغي أن تعلم: أن الله لم يناد نبيه صلّى الله عليه وسلّم بلفظ الرسول إلا في سورة (المائدة) رقم [٤١ و ٦٧].

فقال رسول الله: أبايعهنّ {عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً}. فرفعت هند رأسها، وقالت: والله إنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيناك أخذته على الرجال-وكان قد بايع الرجال يومئذ على الإسلام، والجهاد فقط-فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: {وَلا يَسْرِقْنَ} فقالت هند: إن أبا سفيان رجل شحيح، وإني أصيب من ماله قوتا، فلا أدري أيحل لي أم لا؟ فقال أبو سفيان: ما أصبت من شيء فيما مضى وفيما غبر فهو حلال، فضحك النبي صلّى الله عليه وسلّم، وعرفها، وقال لها: «وإنك لهند بنت عتبة؟». قالت:

نعم فاعف عما سلف عفا الله عنك، والمحفوظ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لها حين قالت: إن أبا سفيان رجل شحيح: «خذي ما يكفيك وبنيك بالمعروف».

فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: {وَلا يَزْنِينَ} فقالت هند: أو تزني الحرة؟ فهذا استنكار منها أن تزني المرأة الشريفة؛ لأن الزنى لا تفعله إلا الدنيئة الخبيثة المعدن كالعبدة ونحوها. فلا حول ولا قوة إلا بالله! فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: {وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ} فقالت هند: ربيناهم صغارا، وقتلتموهم كبارا، فأنتم وهم أعلم، وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قد قتل يوم بدر كافرا، وكان بكرها، فضحك عمر -رضي الله عنه-حتى استلقى، وتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>