للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه. مثل سبحانه وتعالى نفسه بمن حضر مجادلة قوم استماعا لما يجري بينهم، وترقبا لإمداد أوليائه منهم، مبالغة في الوعد بالإعانة، فلذلك تجوّز بالاستماع الذي هو بمعنى الإصغاء للسمع الذي هو مطلق إدراك الحروف والأصوات، بعد هذا انظر شرح {كَلاّ} في الآية رقم [٧٩] من سورة (مريم) على نبينا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام.

الإعراب: {قالَ:} فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره: «هو» يعود إلى الله. {كَلاّ:}

حرف ردع وزجر مبني على السكون في محل نصب مقول القول. {فَاذْهَبا:} الفاء: حرف عطف. (اذهبا): فعل أمر مبني على حذف النون، والألف فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على الجملة المفهومة من قوله: {كَلاّ} كأنه قيل: ارتدع يا موسى عما تظن، فاذهب أنت والذي طلبته. {بِآياتِنا:} متعلقان بالفعل قبلهما، و (نا): ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {إِنّا:}

حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {مَعَكُمْ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر (إنّ)، أو هو متعلق بما بعده، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {مُسْتَمِعُونَ:} خبر ثان ل‍: (إنّ)، أو هو خبر واحد على اعتبار الظرف متعلقا به مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الاسمية: {إِنّا..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وهي مفيدة للتعليل، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (١٧)}

الشرح: {فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا:} الخطاب لموسى، وغلبه على أخيه هارون الغائب كما رأيت في الآية السابقة. {إِنّا رَسُولُ:} في إفراده أوجه: أحدها: هو مصدر كالرسالة، أي ذوا رسول، أو: إنا رسالة على المبالغة. والثاني: أنه اكتفى بأحدهما؛ إذ كانا على أمر واحد. والثالث: أن موسى عليه السّلام كان هو الأصل وهارون تبع، فذكر الأصل. انتهى. عكبري.

وقال الخازن: فإن قلت: هلاثنى الرسول، كما في قوله تعالى: {فَأْتِياهُ فَقُولا إِنّا رَسُولا رَبِّكَ} الآية رقم [٤٧] من سورة (طه)؟، قلت: الرسول قد يكون بمعنى المرسل، وبمعنى الرسالة، فجعله ثمّ بمعنى المرسل فلم يكن بدّ من تثنيته، وجعله هنا بمعنى الرسالة، فجازت التسوية فيه؛ إذا وصف به الواحد، والتثنية، والجمع، والمعنى إنا ذوا رسالة، قال كثيّر عزة: [الطويل]

لقد كذب الواشون ما فهت عندهم... بشيء ولا أرسلتهم برسول

أي: برسالة، وقال الأسعر الجعفي: [الوافر]

ألا أبلغ بني عمرو رسولا... بأنّي عن فتاحتكم غنيّ

أي: أبلغهم رسالة. وقال العباس بن مرداس: [الوافر]

<<  <  ج: ص:  >  >>