الاسمية تعليل للأمر، لا محل لها، والآية بكاملها معطوفة على ما قبلها، وهي في محل نصب مقول القول؛ لأنها من مقول لقمان على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.
الشرح:{أَلَمْ تَرَوْا..}. إلخ: ذكر الله نعمه على بني آدم، وأنه سخر لهم ما في السموات من شمس وقمر وملائكة تحوطهم، وتحرسهم، وتجر إليهم منافعهم، وأيضا: النجوم، والسحاب، وغير ذلك، وما في الأرض من البحار، والأنهار، والجبال، والأشجار، والمعادن، والدواب على اختلاف أجناسها، وتفاوت منافعها.
{وَأَسْبَغَ} أي: أتم، وأكمل. قال تعالى لداود:{أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ} أي: دروعا تامات كاملات، وقرئ: «(أصبغ)» بالصاد على إبدالها من السين؛ لأن حروف الاستعلاء، تجتذب السين من سفلها إلى علوها، فتردها صادا. {نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً:} محسوسة، ومعقولة، ما تعرفونه، وما لا تعرفونه. هذا؛ وقرئ: «(نعمة)» بالإفراد، وهو يدل على الكثرة، كقوله تعالى في سورة (إبراهيم) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها} قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لابن عباس-رضي الله عنهما-وقد سأله عن هذه الآية:«الظّاهرة الإسلام، وما حسن من خلقك، والباطنة ما ستر عليك من سيّئ عملك».
وقيل: الظاهرة: تسوية الأعضاء وحسن الصورة، والباطنة: الاعتقاد بالقلب. وقيل:
الظاهرة: الرزق، والباطنة: حسن الخلق. وقيل: الظاهرة: تخفيف الشرائع، والباطنة:
الشفاعة. وقيل: الظاهرة ظهور الإسلام، والنصر على الأعداء، والباطنة: الإمداد بالملائكة.
وقيل: الظاهرة: اتباع الرسول، والباطنة: محبته. انتهى. خازن. وقريب منه في الكشاف، وتفسير القرطبي.
وأجل هذه النعم على وجه الإطلاق نعمة الإيمان لمن هداه الله، ووفقه للعمل بمقتضاه.
وينبغي أن تعلم: أن الإنسان مهما عمل من الصالحات، وعبد الله تعالى لا يوفي حق أصغر هذه النعم، فعن أنس بن مالك-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «يخرج لابن آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين: ديوان فيه العمل الصالح، وديوان فيه ذنوبه، وديوان فيه النّعم من الله عليه، فيقول الله عز وجل لأصغر نعمة (أحسبه قال: في ديوان النعم): خذي ثمنك من عمله الصالح، فتستوعب عمله الصّالح، ثم تنحّى، وتقول: وعزّتك ما استوفيت! وتبقى الذنوب والنّعم؛ وقد ذهب العمل الصالح، فإذا أراد الله أن يرحم عبده، قال: يا عبدي! قد ضاعفت لك حسناتك، وتجاوزت عن سيّئاتك، (أحسبه قال: ووهبت لك نعمي)». رواه البزار. هذا؛ وحديث الذي عبد الله خمسمائة