للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر مبني على حذف النون؛ لأن مضارعه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محل لها على جميع الوجوه المعتبرة في الفاء. {فِي مَناكِبِها:} متعلقان بالفعل قبلهما، و (ها): في محل جر بالإضافة. {وَكُلُوا:} الواو: حرف عطف. (كلوا): أمر، وفاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {مِنْ رِزْقِهِ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَإِلَيْهِ:} (الواو): واو الحال. (إليه): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

{النُّشُورُ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير المجرور محلا بالإضافة، العائد على الموصول. والرابط: الواو، والضمير.

{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ (١٦)}

الشرح: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: المعنى: أأمنتم عذاب من في السماء؛ إن عصيتموه. وقيل: تقديره: أأمنتم من في السماء قدرته، وسلطانه، وعرشه، ومملكته؛ وخص السماء لأن السماء مسكن ملائكته، ومنها تنزل قضاياه، وكتابه، وأوامره، ونواهيه. أو المراد: الملائكة الموكلون على تدبير هذا العالم، أو المراد: الله جلت قدرته.

وهذا؛ لأنهم كانوا يعتقدون التشبيه، وأنه في السماء، وأن الرحمة، والعذاب ينزلان منه، فقيل لهم على حسب اعتقادهم: أأمنتم من تزعمون: أنه في السماء، وهو-جلت قدرته-متعال، ومنزه عن المكان. {أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ:} كما خسفها بقارون، فذاق وبال أمره، وكانت عاقبة أمره خسرا. هذا؛ والخسف انهيار الأرض بالشيء، وخسف المكان ذهب في الأرض، وبابه جلس، وخسف الله به الأرض من باب: ضرب، أي: غاب به فيها، وخسوف القمر ذهاب ضوئه. هذا؛ والخسف: النقصان، والخسف: الذلة والمهانة، والحقارة. قال الشاعر: [البسيط]

ولا يقيم على ضيم يراد به... إلاّ الأذلاّن عير الحيّ والوتد

هذا على الخسف مربوط برمّته... وذا يشجّ فلا يرثي له أحد

وقال عمرو بن كلثوم في معلقته رقم [١٠٨]: [الوافر]

إذا ما الملك سام الناس خسفا... أبينا أن نقرّ الخسف فينا

{فَإِذا هِيَ تَمُورُ} أي: تضطرب، وتتحرك. والمور: الاضطراب بالذهاب، والمجيء. قال الشاعر: [الطويل]

رمين فأقصدن القلوب ولن ترى... دما مائرا إلاّ جرى في الحيازم

جمع: حيزوم، وهو وسط الصّدر، وانظر ما ذكرته في سورة (الطور) رقم [٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>