للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رفع التابع المذكور بناء؛ لأن المنادى في الحقيقة هو المحلّى بأل، ولكن لما لم يمكن إدخال حرف النداء عليه؛ توصلوا إلى ندائه ب‍: (أي): مع قرنها بحرف التنبيه. ورده بعضهم بأن المراعى في الإعراب اللفظ، وأن الأول منادى، والثاني تابع له. والإعراب السائد أن تقول:

مرفوع تبعا للفظه. انتهى. جرجاوي.

هذا؛ والأخفش يعتبر (أيّ) في مثل هذه الآية موصولة، و (النّاس) خبرا لمبتدأ محذوف، والجملة الاسمية صلة، وعائد، التقدير: يا من هو الإنسان، على أنه قد حذف العائد حذفا لازما كما في قول امرئ القيس في معلقته رقم [١٣]: [الطويل]

ألا ربّ يوم صالح لك منهما... ولا سيّما يوم بدارة جلجل

وهذا هو الشاهد رقم [٢٤٢] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» وما قاله الأخفش لا يعتد به عند جمهرة النحاة. {إِنَّكَ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمه. {كادِحٌ:} خبر (إنّ)، والجملة الاسمية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها. {إِلى رَبِّكَ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {كادِحٌ؛} لأنه اسم فاعل، لذا ففيه ضمير مستتر هو فاعله، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {كَدْحاً:} مفعول مطلق. {فَمُلاقِيهِ:} الفاء:

حرف عطف. (ملاقيه): معطوف على {كادِحٌ} عطف مفرد على مفرد، أو هو خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: فأنت ملاقيه، فيكون العطف عطف جملة على جملة سابقة مثلها. ورأيت فيما سبق من يقول: الجملة جواب (إذا) وهو مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه.

{فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً (٩)}

الشرح: {فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ:} هذا تفصيل لأحوال الناس يوم القيامة. وإعطاء الكتاب باليمين دليل على النجاة من العذاب، والفوز بالجنة. {فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً:}

«سوف» من الله تفيد التوكيد، والتحقيق، لا التسويف، والإهمال، والنسيان. والحساب اليسير:

هو أن تعرض عليه أعماله، فيعرف بالطاعة، والمعصية، ثم يثاب على الطاعة، ويتجاوز له عن المعصية، يقول الله له: يا عبدي! سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك الآن! فهذا هو الحساب اليسير؛ لأنه لا شدة فيه، ولا مناقشة، ولا يقال له: لم فعلت هذا؛ ولا يطالب بالعذر فيه، ولا الحجة عليه؟ فإنه متى طولب بذلك؛ لم يجد عذرا، ولا حجة، فيفتضح. {وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً:} يرجع إلى أزواجه في الجنة من الحور العين، والآدميات فرحا، مغتبطا، قرير العين، مطمئن الفؤاد بما أوتي من الخير، والكرامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>