للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩)}

الشرح: {كانُوا لا يَتَناهَوْنَ..}. إلخ: أي: كان اليهود، والنصارى لا ينهى بعضهم بعضا عن فعل قبيح؛ إذا أراد البعض فعله. {لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ:} في هذه الجملة المؤكّدة بالقسم دليل على أنّ ترك النهي عن المنكر من العظائم، فيا خيبة المسلمين في إعراضهم عنه! وخذ ما يلي:

عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ أوّل ما دخل النقص على بني إسرائيل: أنّه كان الرّجل يلقى الرّجل، فيقول: يا هذا اتّق الله، ودع ما تصنع، فإنّه لا يحلّ لك، ثمّ يلقاه من الغد، وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله، وشريبه، وقعيده، فلمّا فعلوا ذلك؛ ضرب الله قلوب بعضهم ببعض»، ثمّ قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ} إلى قوله: {وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ}. ثمّ قال: «كلا والله لتأمرنّ بالمعروف، ولتنهونّ عن المنكر، ولتأخذنّ على يد الظالم، ولتأطرنّه على الحقّ أطرا».

رواه أبو داود، والترمذيّ، واللفظ لأبي داود. لتأطرنّه: أي: لتردنّه على الحق. وأصل «الأطر» العطف، والتثني.

وعن أنس بن مالك-رضي الله عنه-قال: قيل: يا رسول الله! متى يترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؟ قال: «إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم» قلنا: يا رسول الله! وما ظهر في الأمم قبلنا؟ قال: «الملك في صغاركم، والفاحشة في كباركم، والعلم في رذالكم». قال زيد:

تفسير معنى قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «العلم في رذالكم»: إذا كان العلم في الفسّاق. رواه ابن ماجة.

وعن حذيفة بن اليمان-رضي الله عنه-: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «والذي نفسي بيده لتأمرنّ بالمعروف، ولتنهونّ عن المنكر، أو ليوشكنّ الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده، ثم لتدعنّه فلا يستجيب لكم». رواه أحمد، والترمذي. وانظر ما ذكرته في الآيتين رقم [١٠٤ و ١١٠] من سورة (آل عمران) ففيهما الكفاية، وانظر شرح «نعم» و «بئس» في الآية رقم [٥٩] من سورة (النساء).

الإعراب: {كانُوا:} فعل ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق.

{لا:} نافية. {يَتَناهَوْنَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب خبر: {كانُوا،} والجملة الفعلية مفسرة لمعاصيهم، واعتدائهم في الآية السابقة.

{عَنْ مُنكَرٍ:} متعلقان بما قبلهما. {فَعَلُوهُ:} فعل ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية في محل جر صفة: {مُنكَرٍ}. {لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ:} انظر إعراب مثل هذه الجملة في الآية رقم [٦٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>