للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٣٣)}

الشرح: {جَنّاتُ عَدْنٍ:} جنات إقامة، وخلود، يقال: عدن بالمكان: إذا أقام به، ومنه:

المعدن الموجود في باطن الأرض، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «عدن دار الله، الّتي لم ترها عين قطّ، ولم تخطر على قلب بشر، لا يسكنها إلا ثلاثة: النبيّون والصديقون والشهداء، يقول الله: طوبى لمن دخلك!». رواه الطبراني عن أبي الدرداء، رضي الله عنه. وقال عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-: إن في الجنة قصرا، يقال له: عدن، حوله البروج، والمروج، فيه خمسة آلاف باب، على كل باب خمسة آلاف حبرة، لا يدخله إلا نبي، أو صدّيق، أو شهيد. والحبرة (بكسر الحاء، وفتحها) ضرب من البرود اليمنية مخطط.

{يَدْخُلُونَها:} الضمير يعود إلى الثلاثة، أو: ل‍: {الَّذِينَ} أو: للمقتصد، والسابق. انتهى.

بيضاوي. وقال القرطبي: جمعهم في الدخول؛ لأنه ميراث، والعاق، والبار في الميراث سواء؛ إذا كانوا معترفين بالنسب، فالعاصي، والمطيع مقرّون بالرب. انتهى. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه. هذا؛ وقرئ: «(جنات)» بالنصب، وقرئ: «(جنة)» بالإفراد، ولم يقرأ في سورة (الرعد) رقم [٢٣] وفي سورة (النحل) رقم [٣١] إلا بالرفع، والجمع.

{يُحَلَّوْنَ فِيها} أي: في تلك الجنات. {مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً:} قال سعيد بن جبير -رحمه الله تعالى-: على كل واحد منهم ثلاثة أسورة: واحد من ذهب، وواحد من ورق، وواحد من لؤلؤ، وقد نص القرآن هنا على الذهب، واللؤلؤ، ومثل هذه الآية الآية رقم [٢٣] من سورة (الحج). ونص على الذهب في سورة (الكهف) رقم [٣١]. ونص على الفضة في قوله تعالى في الآية [٢١] من سورة (الدهر): {وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ}. وفي الحديث الصحيح قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «تبلغ حلية المؤمن حيث يبلغ الوضوء». رواه ابن خزيمة عن أبي هريرة رضي الله عنه.

هذا؛ ويقرأ بجر (لؤلؤ) ونصبه، ويقرأ بهمز، وبدونه، وبقلب الهمزتين ياء، وغير ذلك.

{وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ} أي: وجميع ما يلبسونه من فرشهم، ولباسهم، وستورهم حرير، وهو أعلى مما في الدنيا بكثير. هذا؛ وروى النسائي عن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من لبس الحرير في الدنيا؛ لم يلبسه في الآخرة. ومن شرب الخمر في الدّنيا؛ لم يشربه في الآخرة. ومن شرب في آنية الذهب، والفضة في الدنيا؛ لم يشرب فيها في الآخرة». ثم قال صلّى الله عليه وسلّم: «لباس أهل الجنة وشراب أهل الجنة، وآنية أهل الجنّة». هذا؛ وذكر الله في سورة (الكهف) وسورة (الإنسان) أن أهل الجنة يلبسون السندس، والإستبرق أيضا. اللهم اجعلنا من أهل جنات عدن بفضلك، وكرمك ومنّك يا أكرم الأكرمين!.

<<  <  ج: ص:  >  >>