المعتبرين فيها. {فِيهِ:} متعلقان بما بعدهما. {تُسِيمُونَ:} مضارع مرفوع، والواو فاعله، ومفعوله محذوف؛ أي: أنعامكم، والجملة الفعلية في محل رفع صفة {شَجَرٌ}.
الشرح: لمّا ذكر الله في الآيات السابقة المنافع في الحيوان تفصيلا، وإجمالا؛ ذكر في هذه الآية المنافع في النباتات تفصيلا، وإجمالا، فبدأ بذكر الزرع، وهو الحب الذي يقتات به كالحنطة، والشعير، وما أشبههما؛ لأن به قوام بدن الإنسان، وثنى بذكر الزيتون؛ لما فيه من الأدم، والدهن، والبركة، وثلّث بذكر النخيل؛ لأن ثمرتها غذاء، وفاكهة، وختم بذكر الأعناب؛ لأنها شبه النخلة في المنفعة من التفكه، والتغذية، ثم ذكر سائر الثمار لينبه بذلك على عظيم قدرته، وجزيل نعمته على عباده. انتهى. خازن. وقد ذكر الله مثل ذلك في الآية رقم [١٤١] من سورة (الأنعام)، وبيّن تفضيل بعضها على بعض في الأكل مع كونها تشرب بماء واحد في الآية رقم [٤] من سورة (الرعد)، وما أحراك أن تنظر ما ذكرته بشأن النخلة في الآية رقم [٢٤ - ٢٥] من سورة (إبراهيم) على نبينا وعليه ألف صلاة، وألف سلام.
{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ:} ختم الله هذه الآية بالتفكر؛ لأن النظر في ذلك، يعني: إنبات النبات بالماء يحتاج إلى مزيد تأمل، واستعمال فكر، ألا ترى: أنّ الحبة الواحدة إذا وضعت في الأرض، ومرّ عليها مقدار من الزمن مع رطوبة الأرض، فإنها تنتفخ، وينشق أعلاها، فيصعد منها شجرة إلى الهواء، وأسفلها تغوص منه عروق في الأرض، ثم ينمو الأعلى ويقوى، وتخرج منه الأوراق، والأزهار، والأكمام، والثمار المشتملة على أجسام مختلفة الطباع والطعوم والألوان والروائح، والأشكال والمنافع، ومن تفكر في ذلك؛ علم: أن من هذه أفعاله، وآثاره، لا يمكن أن يشبهه شيء في شيء من صفات الكمال، فضلا عن أن يشاركه أخس الأشياء في أخص صفاته التي هي الألوهية، واستحقاق العبادة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وختم الآية الثانية بالعقل؛ لأن العلويات أظهر دلالة على القدرة الباهرة، وأبين شهادة للكبرياء والعظمة. وختم الثالثة بالتذكر؛ ليرى الناس: أن اختلاف المخلوقات في الطبائع، والهيئات، والمناظر ليس إلا بصنع صانع حكيم. انتهى. جمل من هنا وهناك. {وَما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ،} وآية (البقرة) رقم [١٦٤] فيها لفت النظر إلى جميع ما صنع الله في الأرض، والسماء، وانظر شرح التفكر في الآية رقم [٣] من سورة (الرعد).
الإعراب:{يُنْبِتُ:} مضارع، وفاعله يعود إلى {اللهِ،} وقرئ «(ننبت)» فيكون الفاعل مستترا تقديره: «نحن»، ويكون في الكلام التفات من الغيبة إلى التكلم، انظر الآية رقم [٤٢] من سورة (الرعد). {لَكُمْ بِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {الزَّرْعَ:} مفعول به، وما بعده معطوف عليه.