للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ والمراد ب‍: {الطَّيِّباتِ} الحلالات، والحلال هو المراد عند الإطلاق، سواء أكان مستلذا أم لا؛ لأن الحرام خبيث، ونجس، ورديء؛ وإن كان مستلذا عند من يأكله من فاسقين، ومجرمين؛ الذين لا يبالون بما أخذوا، وما أكلوا؛ حتى حقّ، وصدق عليهم قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «يأتي على الناس زمان، لا يبالي المرء ما أخذ أمن الحلال أم من الحرام». رواه البخاري عن أبي هريرة-رضي الله عنه-. هذا؛ والأمر بالأكل مستعمل في كل من الوجوب، والندب والإباحة، فالأول: إذا كان لقيام البدن، والثاني: كالأكل مع الضيف، والثالث: في غير ما ذكر، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: (يا): أداة نداء تنوب مناب: «أدعو» أو أنادي. (أيها): نكرة: مقصودة مبنية على الضم في محل نصب ب‍: (يا)، و (ها): حرف تنبيه لا محل له، وأقحم للتوكيد، وهو عوض من المضاف إليه. {الرُّسُلُ:} بعضهم يعرب هذا؛ وأمثاله نعتا، وبعضهم يعربه بدلا، والقول الفصل فيه أن الاسم الواقع بعد أي واسم إشارة، إن كان مشتقا فهو نعت، وإن كان جامدا كما هنا، فهو بدل، أو عطف بيان، وانظر الآية رقم [١] من سورة (الحج) إن أردت الزيادة، والجملة الندائية ابتدائية، لا محل لها. {كُلُوا:} أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية. وهذا؛ والمفعول محذوف، تقديره: كلوا رزقكم. {مِنَ الطَّيِّباتِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من المفعول المحذوف، وجوز الأخفش اعتبار {مِنَ} زائدة في الإيجاب، فيكون {الطَّيِّباتِ} مفعولا به، مجرورا لفظا، منصوبا محلا. والمعتمد الأول، وجملة: {وَاعْمَلُوا صالِحاً} معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها، و {صالِحاً} صفة لموصوف محذوف هو المفعول، التقدير: اعملوا عملا صالحا. {إِنِّي:} حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم اسمها. {بِما:} متعلقان ب‍: {عَلِيمٌ} بعدهما، و (ما): تحتمل الموصوفة، والموصولة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر بالياء، والجملة بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: بالذي، أو بشيء تعملونه، وعلى اعتبارها مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بالباء، التقدير: بعملكم. {عَلِيمٌ:} خبر إن، والجملة الاسمية: {إِنِّي..}. إلخ تعليل للأمر، أو هي مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين.

{وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢)}

الشرح: {وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً} أي: ملتكم ملة واحدة متحدة في العقائد، أو أصول الشرائع، أو: جماعتكم جماعة واحدة متفقة على الإيمان، والتوحيد في العباد، والخطاب لأمة محمد صلّى الله عليه وسلّم. {وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} أي: متولي أموركم، ومالك جميع شؤونكم فخافون واحذرون.

وقيل: المعنى: أمرتكم بما أمرت به المرسلين قبلكم، فأمركم واحد، وأنا ناصركم على

<<  <  ج: ص:  >  >>