ل {بَقَرَةٌ،} أو في محل نصب حال منها بعد وصفها بما تقدّم. {قالُوا:} ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {الْآنَ:} ظرف زمان مبني على الفتح في محل نصب متعلق بالفعل بعده. {جِئْتَ:} فعل وفاعل. {بِالْحَقِّ} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وجوز تعليقهما بمحذوف حال من تاء الفاعل؛ أي: جئت ملتبسا بالحق، أو معك الحق، وحذفت صفة الحق، كما رأيت في الشرح، وجملة:{جِئْتَ بِالْحَقِّ} في محل نصب مقول القول، وجملة:
{قالُوا} مستأنفة لا محل لها؛ لأنها بمنزلة جواب لسؤال مقدّر. {فَذَبَحُوها:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على كلام محذوف، انظر الشرح. {وَما:} الواو واو الحال. ({ما}): نافية. {كادُوا:} فعل ماض ناقص من أفعال المقاربة، مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق. {يَفْعَلُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، ومفعوله محذوف، تقديره: الذّبح، والجملة الفعلية في محل نصب خبر:(كاد)، وجملة:({ما كادُوا..}.) إلخ: في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط الواو، والضمير.
الشرح:{وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً} أي: واذكروا يا بني إسرائيل وقت قتل هذه النفس، وما وقع فيه من القصّة. والخطاب لليهود المعاصرين للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وإسناد القتل، والتدارؤ إليهم؛ لأنّ ما يصدر من الأسلاف ينسب إلى الأخلاف توبيخا، وتقريعا.
{فَادّارَأْتُمْ فِيها:} تدافعتم، وتخاصمتم. وأصله: تدارأتم، فاجتمعت التاء مع الدال، وهما متقاربان في المخرج، فقلبت التاء دالا، وسكنت لأجل الإدغام، ولا يمكن الابتداء بساكن، فاجتلبت همزة الوصل ليبتدأ بها، فصار: اددارأتم ثم أدغم، ولهذه الكلمة نظائر مثل قوله تعالى في سورة (الأعراف) رقم [٣٨]: {حَتّى إِذَا ادّارَكُوا فِيها جَمِيعاً} وقوله تعالى في سورة (النّمل) رقم [٦٦]: {بَلِ ادّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} وأيضا: اذّكر، واطّلع، واطّير، وازيّن، فإن الأصل: تذكر، وتطلع، وتطير، وتزين. وأيضا قوله تعالى في سورة (التوبة) رقم [٣٨]: {اِثّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ}.
{وَاللهُ مُخْرِجٌ:} مظهر، فهو اسم فاعل، من أخرج الرباعي. {ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ:} تخفون في صدوركم من أمر القتيل. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
وعن المسيب بن رافع: ما عمل رجل حسنة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله، وما عمل رجل سيئة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله، وتصديق ذلك في كتاب الله:{وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}.
هذا؛ وفي الحديث:«لو أنّ أحدكم يعمل في صخرة صمّاء، لا باب لها، ولا كوّة؛ لخرج ما غيّبه للنّاس كائنا ما كان». أخرجه ابن ماجة، وابن حبّان عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- من حديث طويل. وخذ قوله تعالى حكاية عن وصية لقمان لابنه، وهو يعظه:{يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ..}. إلخ.