للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدهما. {يَمْهَدُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل جزم جواب الشرط، والجملة الاسمية: {مَنْ كَفَرَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، والثانية معطوفة عليها كما هو ظاهر، وتقديم الظرف في الجملتين للدلالة على الاختصاص.

{لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٤٥)}

الشرح: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ،} الاقتصار على بيان جزاء المؤمنين للإشعار بأنه المقصود بالذات، والاكتفاء بفحوى قوله تعالى: {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ} فإن فيه إثبات البغض لهم، وإثبات المحبة للمؤمنين، وتأكيد اختصاص الصلاح بالمؤمنين، المفهوم من ترك ضميرهم إلى التصريح باسمهم تعليل له، وقوله جلت قدرته: {مِنْ فَضْلِهِ} دال على أن الإثابة تفضل محض، وتأويله بالعطاء، والزيادة على الثواب عدول عن الظاهر. انتهى. بيضاوي بتصرف.

هذا؛ وعطف: «العمل الصالح» على: «الإيمان» دليل واضح على أن الإيمان وحده قد لا يجدي بلا عمل، وهو ما أفاده قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «الإيمان والعمل قرينان، لا يقبل الله أحدهما بدون صاحبه». كما أن الإيمان مشروط لقبول العمل الصالح، ويسمى هذا في فن البديع احتراسا.

هذا؛ وعدم محبة الله للكافرين كناية عن البغض، والسخط، والغضب، ومحبته للمؤمنين رضاه عنهم، وغفر ذنوبهم، وستر عيوبهم. هذا؛ والجزاء والمجازة المكافأة على عمل ما، تكون في الخير، وتكون في الشر، فمن الأول قوله تعالى: {هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ}. ومن الثاني قوله تعالى في كثير من الآيات: {وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ،} وقوله تعالى: {وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ} فقد أراد جزاء الشر، والجزاء من جنس العمل، إن خيرا؛ فخير؛ وإن شرّا، فشرّ. هذا؛ والفعل جزى ينصب مفعولين، قال تعالى في سورة (النور): {لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا}.

الإعراب: {لِيَجْزِيَ:} فعل مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل ضمير مستتر تقديره: «هو» يعود إلى الله تعالى. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول، وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها.

(عملوا): فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {الصّالِحاتِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، وهو في الأصل صفة لموصوف محذوف؛ إذ التقدير: الأعمال الصالحات، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها. {مِنْ فَضْلِهِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف مفعول به ثان، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، و «أن» المضمرة، والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {يَصَّدَّعُونَ،} أو بالفعل {يَمْهَدُونَ}. {إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء ضمير متصل في محل نصب اسمها. {لا:} نافية. {يُحِبُّ:} فعل مضارع،

<<  <  ج: ص:  >  >>