{ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} قال الجمل فيها: هي بمنزلة التعليل، أي للنهي المتقدم. أقول:
أو هي مستأنفة، فلا محل لها على الوجهين. {فَتَطْرُدَهُمْ:} مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء السببية في جواب النفي، والفاعل مستتر تقديره:«أنت»، والهاء مفعول به. {فَتَكُونَ:} مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية في جواب النهي، واسمه مستتر تقديره:«أنت». {مِنَ الظّالِمِينَ:} متعلقان بمحذوف خبر (تكون). وكلا الفعلين يؤولان مع «أن» المضمرة بمصدر معطوف بفاء السببية على مصدر متصيد من الفعل السابق؛ إذ التقدير: لا يكن منك طرد للفقراء المؤمنين فتكون من الظالمين، وما حسابهم عليك فتطردهم من اختصاصك. وقيل:(تكون) معطوف على ما قبله على وجه التسبب؛ لأن كونه ظالما مسبب عن طردهم.
الشرح:{فَتَنّا:} ابتلينا واختبرنا، والضمير في {بَعْضَهُمْ} المراد به بعض الناس، والمعنى: ابتلينا الغني بالفقير، والفقير بالغني، والشريف بالوضيع، والوضيع بالشريف... إلخ، فكل واحد مبتلى بضده، فكان ابتلاء الأغنياء الشرفاء في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم حسدهم لفقراء الصحابة الذين سبقوهم إلى الإسلام، وتقدموا عليهم، فامتنعوا من الدخول في الإسلام لذلك، فكان ذلك فتنة وابتلاء لهم، وأما فتنة الفقراء بالأغنياء، فلما يرون من سعة رزقهم، وخصب عيشهم، فكان ذلك فتنة لهم. انتهى. خازن. {لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ} .. إلخ: أي أهؤلاء أنعم الله عليهم بالهداية والتوفيق لما يسعدهم دوننا، ونحن الأكابر والعظماء، وهم الفقراء والضعفاء؟! وهو إنكار واستغراب لأن يخص هؤلاء بإصابة الحق والسبق إلى الخير، كقولهم في آية أخرى:{لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ}. {أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشّاكِرِينَ} أي: فيعلم الله الشاكر لنعمه، فيزيده منها، كما قال تعالى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} ويعلم الجاحد لنعمه، فينتقم منه، كما أفاده قوله تعالى:{وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ}.
الإعراب:{وَكَذلِكَ:} الواو: حرف استئناف. (كذلك): جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لمصدر محذوف تقدم على عامله، التقدير: فتنا بعضهم فتونا كائنا مثل ذلك الفتون. {فَتَنّا:}
فعل وفاعل، وانظر إعراب:{حَلَلْتُمْ} في الآية رقم [٥/ ٢]{بَعْضَهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة. {بِبَعْضٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {لِيَقُولُوا} اللام: لام التعليل، وقيل: هي لام الصيرورة والعاقبة. (يقولوا): مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، و «أن» المضمرة، والفعل المضارع في