للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، وجواب الشرط محذوف، دل على ما قبله، والجملة الشرطية معترضة بين الفعل، ومفعوله، وهو: {عَذابَ،} وهو مضاف، و {يَوْمٍ} مضاف إليه. {عَظِيمٍ:} صفة: {يَوْمٍ}. هذا؛ والآية مذكورة بحروفها في (الأنعام) برقم [١٥].

{قُلْ:} فعل أمر، وفاعله تقديره: «أنت». {اللهَ:} مفعول مقدم. {أَعْبُدُ:} مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «أنا»، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول. {مُخْلِصاً:} حال من الفاعل المستتر، وفاعله مستتر فيه تقديره: «أنا». {اللهَ:} متعلقان بما قبلهما. {دِينِي:} مفعول به ل‍: {مُخْلِصاً} منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم... إلخ، والياء في محل جر بالإضافة، وجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١٥)}

الشرح: {فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ:} ليس هذا أمرا، بل المراد منه: الزجر والتهديد والتوبيخ، مثل قوله تعالى: {اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ} رقم [٤٠] من سورة (فصلت)، والآية رقم [٣٩] الآتية، وقوله:

{اِعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ} رقم [١٣٥] من سورة (الأنعام)، و [٩٣] من سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. والمعنى للكل: اعملوا، واعبدوا ما شئتم من دون الله من الأوثان والأصنام، فسوف ترون عاقبة كفركم، وعبادتكم الباطلة! وقيل: الآية منسوخة بآية السيف، وليس وجيها، فإن حكمها عام إلى يوم القيامة بالنسبة للفاجرين، والفاسقين، والظالمين.

{قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ..}. إلخ: قال ميمون بن مهران عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: ليس من أحد إلا وقد خلق الله له زوجة في الجنة، فإذا دخل النار؛ خسر نفسه، وأهليه. وفي رواية أخرى عن ابن عباس: فمن عمل بطاعة الله؛ كان له ذلك المنزل، والأهل إلا ما كان له قبل ذلك.

هذا؛ وقد قيل في تفسير {الْخُسْرانُ:} إنه جعل لكل واحد من بني آدم منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا كان يوم القيامة؛ جعل الله للمؤمنين منازل الكفار التي في الجنة، وجعل للكفار منازل المؤمنين التي في النار، فذلك هو الخسران؛ وأي خسران أعظم من هذا الخسران؟! هذا؛ ولقد وصف الله خسرانهم بغاية الفظاعة في قوله: {أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ} حيث صدر الجملة ب‍: {أَلا} التي هي للتنبيه، ووسط الفصل بين المبتدأ، والخبر، وعرف الخسران، ونعته بالمبين؛ لأنهم استبدلوا بالجنة نارا، وبالدرجات دركات. انتهى. نسفي. وفي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما منكم من أحد إلا له منزلان: منزل في الجنة، ومنزل في النّار، فإذا مات، فدخل النار، ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله تعالى:

{أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ»}.

<<  <  ج: ص:  >  >>