للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعود إلى {اللهُ} والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها. {الصَّدَقاتِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. ({اللهُ}): مبتدأ.

{لا:} نافية. {يُحِبُّ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى (الله) والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. {كُلَّ:} مفعول به، وهو مضاف، و {كَفّارٍ:} مضاف إليه، وهو صفة لموصوف محذوف، التقدير: كلّ شخص كفّار. {أَثِيمٍ:} صفة ثانية للموصوف المحذوف، والجملة الاسمية تحتمل العطف على ما قبلها، والاستئناف، والحالية، من لفظ الجلالة، وهو الأقوى، والرابط: الواو، وإعادة اسم الجلالة بلفظه.

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧)}

الشرح: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} أي: بالله، ورسوله، واليوم الآخر... إلخ. {وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ:} على اختلاف درجاتها، وتفاوت مراتبها، والتي منها تحريم الرّبا بأنواعه. هذا؛ وعطف العمل الصالح على الإيمان في الآية الكريمة وغيرها يوحي بأنّ العمل قرين الإيمان، وقد لا يجدي الإيمان بدون عمل، وهو ما أفاده قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: «الإيمان والعمل قرينان، لا يقبل الله أحدهما بدون صاحبه» كما أنّ الإيمان مشروط لقبول العمل الصالح، ويسمّى مثل هذا في علم المعاني: احتراسا.

{وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ:} خصّ الصّلاة والزكاة بالذّكر، وقد تضمّنها عمل الصّالحات تشريفا لهما، وتنبيها على قدرهما؛ إذ هما رأس الأعمال: الصّلاة في أعمال البدن، والزكاة في أعمال المال.

ومعنى ({أَقامُوا الصَّلاةَ}): أدّوها في أوقاتها، وحافظوا على طهارتها، وأتمّوا لها ركوعها، وسجودها، وخشوعها، ومن لم يؤدّها على الوجه الأكمل، يقال عنه: صلّى، ولا يقال: أقام الصّلاة. هذا؛ والصّلاة في اللّغة: الدعاء والتّضرّع، وهي في الشرع: أقوال، وأفعال مخصوصة، مبتدأة بالتكبير، مختتمة بالتّسليم، ولها شروط، وأركان، ومبطلات، ومكروهات، ومندوبات مذكورة في الفقه الإسلامي. هذا؛ وبيّن الله تعالى: أنّ أجود ما يستعان به على تحمّل المتاعب، والمصائب الصّبر، والصّلاة، قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصّابِرِينَ} الآية رقم [١٥٣]، وكان الرسول صلّى الله عليه وسلّم إذا حزبه أمر؛ فزع إلى الصلاة؛ هذا؛ والصلاة من العبد معناها: التضرّع والدّعاء، ومن الملائكة على العبد معناها: الاستغفار، وطلب الرّحمة له، ومن الله على عباده معناها: الرّحمة، وإنزال البركات.

وقد جمعت الأنواع الثلاثة في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} الآية رقم [٥٦] من سورة (الأحزاب).

<<  <  ج: ص:  >  >>