بالباب، وهي حرف عند الأخفش وابن مالك، ويرجحه:(خرجت فإذا إنّ زيدا بالباب)؛ لأن «إنّ» لا يعمل ما بعدها فيما قبلها. وظرف مكان عند المبرد، وابن عصفور. وظرف زمان عند الزجاج، والزمخشري. وزعم الأخير: أنّ عاملها فعل مشتق من لفظ المفاجأة. ولا يعرف هذا لغير الزمخشري، وإنما ناصبها عندهم الخبر في نحو:(خرجت فإذا زيد جالس) والمقدر في نحو: (فإذا الأسد) أي: حاضر، وإذا قدرت: أنها الخبر؛ فعاملها مستقرّ، أو استقرّ، ولم يقع الخبر معها في التنزيل إلا مصرحا به. انتهى. ملخصا من «مغني اللبيب».
وعلى اعتبارها ظرف زمان، أو مكان، فهي هنا متعلقة بالساهرة. {هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {بِالسّاهِرَةِ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. هذا؛ واعتبر الجلال الجملة جواب شرط محذوف، التقدير: فإذا نفخت النفخة الأولى؛ فإذا هم بالساهرة. وعليه: فالفاء واقعة في جواب هذا الشرط المقدر.
الشرح:{هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى:} هذا استفهام تشويق، وترغيب لسماع القصة؛ أي: هل جاءك يا محمد خبر موسى الكليم؟ وقال القرطبي، والخازن:{هَلْ} بمعنى: قد، والمعنى:
على التحقيق قد أتاك حديث موسى. انظر ما ذكرته في أول سورة (الدهر). وقال الجمل نقلا عن الخطيب: كلام مستأنف وارد لتسلية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ أي: أليس قد أتاك حديث موسى، فيسليك على تكذيب قومك، ويهددهم عليه بأن يصيبهم مثل ما أصاب من هو أعظم منهم، وهو فرعون، فإنه كان أقوى أهل الأرض بما كان له من كثرة الجنود، فلما أصر على التكذيب، ولم يرجع، ولا أفاده التأديب؛ أغرقناه، وقومه، ولم نبق منهم أحدا، وقد كانوا لا يحصون عددا، فقد قيل: إن طليعته كانت على عدد بني إسرائيل ستمئة ألف، فكيف بقومك الضعاف. انتهى.
{إِذْ ناداهُ} أي: حين ناجاه ربه. {بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ:} المطهر المبارك. {طُوىً:} اسم الوادي الذي حصل فيه الكلام في أسفل جبل طور سيناء. وفي {طُوىً} ثلاث قراءات: الأولى بضم الطاء والتنوين، والثانية بضم الطاء من غير تنوين؛ لأنه معدول، مثل: عمر، وقثم. قال الفراء:
طوى: واد بين المدينة، ومصر. قال: وهو معدول عن طاو، كما عدل عمر عن عامر، القراءة الثالثة بكسر الطاء والتنوين على معنى المقدّس مرة بعد مرة. قاله الزجاج، وأنشد قول عدي بن زيد:[الطويل]
أعاذل إنّ اللّؤم في غير كنهه... عليّ طوى من غيّك المتردّد