{مِنْ عَذابِ:} متعلقان ب: {مُشْفِقُونَ} بعدهما، و {عَذابِ} مضاف، و {رَبِّهِمْ} مضاف إليه، من إضافة المصدر، أو اسم المصدر لفاعله، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {مُشْفِقُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض من التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية صلة الموصول، لا محل لها. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {عَذابِ:} اسم {إِنَّ،} وهو مضاف، و {رَبِّهِمْ} مضاف إليه... مثل سابقه. {غَيْرُ:} خبر {إِنَّ،} وهو مضاف، و {مَأْمُونٍ} مضاف إليه، والجملة الاسمية:{إِنَّ عَذابَ..}. إلخ معترضة بين المتعاطفات، ومفيدة للتعليل.
الشرح:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ:} جمع: فرج، وهو اسم لسوأة الرجل، والمرأة، وحفظه:
التعفف عن الحرام، وعن كل ما لا يحل من زنى ولواط، واستمناء باليد، ومتعة.
أما الزنى فهو من أفظع الجرائم خطرا، وأشدها ضررا على الأعراض، والأنساب، والأخلاق، والعادات، لذلك سماه الله فاحشة، وساء سبيلا. قال تعالى في سورة (الإسراء) رقم [٣٢]: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً،} وما فشا الزنى في أمة من الأمم إلا ضاع مجدها، وذهب عزها، وفشت فيها الأمراض، والأوبئة الفتاكة، لذلك وضع الله عز وجل للزاني عقوبتين: عقوبة في الدنيا، وعقوبة في الآخرة، أما عقوبة الدنيا؛ فالجلد لمن لم يتزوج، والرجم بالحجارة لمن كان متزوجا؛ حتى يموت، أما الجلد؛ فقد ثبت بقوله تعالى في سورة (النور) رقم [٢]: {الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ..}. إلخ، وأما الرجم؛ فقد ثبت بفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأحاديثه الصحيحة، مثل قوله صلّى الله عليه وسلّم:«لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأنّي رسول الله إلاّ بإحدى ثلاث: الثّيّب الزّاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه، المفارق للجماعة». رواه الستة ما عدا ابن ماجه عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-.
أما عقوبة الآخرة فقد ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أن جبريل، وميكائيل أخذا بيده حتى أصعداه جبلا، فإذا أصوات، وعواء، فاطلع فإذا رجال، ونساء عراة، يأتيهم اللهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم؛ صرخوا من شدة حره، فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«ما هذا يا جبريل؟». قال:«هؤلاء الزّناة والزّواني، عقابهم كذلك إلى يوم القيامة». ورأى النبي صلّى الله عليه وسلّم ليلة أسري به رجالا، ونساء بين أيديهم لحم نضيج في قدر، فقال:«ما هذا يا جبريل؟». قال:«هذا مثل الرجل من أمتك يترك زوجته الحلال الطيب، ويبيت عند أخرى يزني بها، ومثل المرأة من أمتك تترك زوجها الحلال الطيب، وتأتي آخر خبيثا مثلها، يزني بها».