{وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦)}
الشرح: {وَكَذلِكَ..}. إلخ المعنى: أنزلنا القرآن على محمد صلّى الله عليه وسلّم إنزالا كائنا مثل إنزال الكتب السابقة على الرسل السابقين قبله. وقيل: المعنى: أنزلنا القرآن الباقي. {آياتٍ بَيِّناتٍ:} واضحات ظاهرات الدلالة. {وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ:} له الهداية، والتوفيق للإيمان، أو من يريد ثباته على الإيمان. وانظر شرح (أنزل) و (نزل) في الآية رقم [٢] من سورة (طه) وشرح (آية) في الآية رقم [٥] من سورة (الأنبياء) وانظر شرح الإرادة في الآية رقم [١٤] وشرح {يُرِيدُ} في الآية رقم [١٨] الآتية.
الإعراب: {وَكَذلِكَ:} الواو: حرف استئناف. الكاف: حرف تشبيه وجر، و (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالكاف، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمصدر محذوف واقع مفعولا مطلقا، عامله ما بعده. انظر الشرح. واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له.
{أَنْزَلْناهُ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {آياتٍ:} حال من الضمير المنصوب، وهي حال موطئة؛ لأن المقصود الصفة، وهي {بَيِّناتٍ،} وكلتاهما منصوب، وعلامة نصبهما الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنهما جمعا مؤنث سالما. {وَأَنَّ:} الواو: حرف عطف.
(أن): حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {يَهْدِي:} مرفوع... إلخ، والفاعل يعود إلى {اللهَ}.
{مَنْ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبني على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية بعدها صلة {مَنْ} أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: يهدي الذي، أو:
شخصا يريده، وجملة: {يَهْدِي..}. إلخ في محل رفع خبر (أنّ)، و (أنّ) واسمها وخبرها في تأويل مصدر معطوف على الضمير المنصوب، التقدير: وأنزلنا: أن الله يهدي... إلخ، وأجيز أن يكون المصدر المؤول في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: والأمر: أن الله، وهذا يعني: أن الجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها، أو هي في محل نصب حال، كما أجيز اعتبار المصدر مجرورا بحرف جر محذوف، التقدير: ولأن الله... إلخ، والأول أقوى معنى، وأتمّ سبكا. تأمّل.
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧)}
الشرح: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} أي: بالله تعالى ربا، وبالقرآن إماما، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلّى الله عليه وسلّم نبيا ورسولا، وشفيعا. {وَالَّذِينَ هادُوا:} هم اليهود سموا بذلك لمّا تابوا من عبادة العجل، من:
هاد بمعنى: تاب، ورجع، ومنه قوله تعالى حكاية عن قولهم: {إِنّا هُدْنا إِلَيْكَ} أو سموا بذلك نسبة إلى يهوذا بن يعقوب، وهو أكبر أولاده. (الصابئين): جمع: صابئ، قيل: إنهم من اليهود، وقيل: إنّهم من النصارى، ولكنهم عبدوا الملائكة، وقيل: عبدوا الكواكب، والصابئ: هو التارك