للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو قاهر لنفسه، ضابط لها عما لا يليق، كأنه حجر على نفسه، ومنعها ما تريد. والمعنى: أن من كان ذا لبّ وعقل علم: أنّ ما أقسم الله عز وجل به من هذه الأشياء، فيه عجائب، ودلائل تدل على توحيده، وربوبيته، فهو حقيق بأن يقسم به لدلالته على خالقه. انتهى. بتصرف.

هذا؛ والحجر يطلق على أشياء كثيرة: حجر الإنسان بفتح الحاء، وكسرها، وهو ما بين يديه من ثوبه، ويقال: نشأ فلان في حجر فلان؛ أي: تحت رعايته، وعنايته. قال تعالى:

{وَرَبائِبُكُمُ اللاّتِي فِي حُجُورِكُمْ..}. إلخ سورة (النساء) رقم [٢٣]. وهو بفتح الحاء: المنع من التصرفات المالية لصغر، أو سفه، أو فلس، وغير ذلك. والحجر يطلق على الفرس الأنثى، وهو بكسر الحاء، وعلى العقل كما رأيت، ويطلق على حجر إسماعيل بجوار الكعبة المعظمة، وعلى حجر ثمود؛ أي: بلادهم. قال تعالى في سورة (الحجر): {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} والحجر يطلق على الحرام، وفي سورة (الفرقان): {وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً} وقال الشاعر: [الطويل]

ألا أصبحت أسماء حجرا محرّما... وأصبحت من أدنى حموّتها حما

أراد ألا أصبحت أسماء حراما محرما. قاله رجل كانت له امرأة، فطلقها، وتزوجها أخوه؛ أي:

أصبحت أخا زوجها بعد أن كنت زوجها، وقد نظم بعضهم المعاني المتقدمة بقوله: [البسيط]

ركبت حجرا وطفت البيت خلف الحجر... وحزت حجرا عظيما في دخول الحجر

لله حجر منعني من دخول الحجر... ما قلت حجرا ولو أعطيت ملء الحجر

الإعراب: {هَلْ:} حرف تقرير، أو حرف تحقيق وتأكيد. قال مقاتل: هل هنا في موضع إن، تقديره: إن في ذلك قسما لذي حجر. {فِي ذلِكَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدم، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {قَسَمٌ:} مبتدأ مؤخر.

{لِذِي:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة قسم، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، و (ذي): مضاف، و {حِجْرٍ:} مضاف إليه، والجملة الاسمية جواب القسم الأول وما عطف عليه على قول مقاتل-رحمه الله تعالى-. وقيل: الجواب محذوف، تقديره:

ليعذبن. وقيل: الجواب قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ} وعلى هذين القولين فالجملة الاسمية (هل في ذلك...) إلخ. معترضة بين القسم وجوابه، وقد أفادت الكلام تقوية وتسديدا.

{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (٦) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (٨)}

الشرح: {أَلَمْ تَرَ..}. إلخ خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو عام لكل أحد، والمعنى: ألم يبلغك يا محمد، ويصل إلى علمك ماذا فعل الله بعاد قوم هود؟ وكان أمر عاد، وثمود عند العرب

<<  <  ج: ص:  >  >>