للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما بعد. {يَنْهى:} فعل مضارع مرفوع، والفاعل يعود إلى {الَّذِي} وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {عَبْداً:} مفعول به. {إِذا:} ظرف زمان مجرد عن الشرطية مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل قبله. {صَلّى:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {عَبْداً،} والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذا} إليها.

{أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى (١٢)}

الشرح: {أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى} أي: أخبرني إن كان هذا العبد المصلي، وهو النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي تنهاه عن الصلاة صالحا مهتديا على الطريقة المستقيمة في قوله، وفعله. {أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى} أي: أو كان المنهي عن الصلاة آمرا بالإخلاص، والتوحيد، وطاعة الله، داعيا إلى الهدى، والرشاد، كيف تنهاه، وتزجره؟! فما أبلهك أيها الغبي الذي تنهى من أوصافه هذه: عبد مطيع لله مهتد منيب، داع إلى الهدى، والرشاد؟

فما أعجب من ينهى عن الخير، ويأمر بالشر، وهو أبو جهل الخبيث؛ الذي يتهدد النبي صلّى الله عليه وسلّم ويتوعده: ليفعلن كذا، وكذا! إن وجده يصلي بجوار الكعبة! هذا هو الظاهر: أن الذي على الهدى، أو أمر بالتقوى هو محمد صلّى الله عليه وسلّم، وهو اختيار ابن عطية، والقرطبي، والخازن، وغيرهم.

وذهب الزمخشري، وتبعه البيضاوي، والنسفي كعادتهما إلى أن المراد الناهي.

لذا قال الزمخشري: ومعناه: أخبرني عمن ينهى بعض عباد الله عن صلاته، إن كان ذلك الناهي على طريقة سديدة فيما ينهى عنه من عبادة الله، أو كان آمرا بالمعروف، والتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان، كما يعتقد. والمعنى عليه ضعيف كما ترى، لذا فالمعتمد الأول.

الإعراب: {أَرَأَيْتَ:} الهمزة: حرف استفهام تعجبي. (رأيت): فعل، وفاعل. وانظر الكلام على مفعوليه فيما بعد. {إِنْ:} حرف شرط جازم. {كانَ:} فعل ماض ناقص مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، واسمه يعود إلى المنهي، أو الناهي، كما رأيت في الشرح. {عَلَى الْهُدى:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر {كانَ،} والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. وجواب الشرط محذوف، التقدير:

إن كان على الهدى، أو أمر بالتقوى ألم يعلم بأن الله يرى، وإنما حذف لدلالة ذكره في جواب الشرط الثاني. قال الزمخشري: فإن قلت: فكيف صح أن يكون (الم يعلم) جوابا للشرط؟ قلت: كما صح في قولك: إن أكرمتك؛ أتكرمني؟ وإن أحسن إليك زيد هل تحسن إليه؟ {أَوْ:} حرف عطف، وهي بمعنى الواو. {أَمَرَ:} فعل ماض، والفاعل تقديره: «هو» يعود إلى المنهي، أو إلى الناهي. {بِالتَّقْوى:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {كانَ..}. إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>