للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحكم هذا الوعد الصادق، لا بد أن يطعم الكافر، ويعطى بحسناته في الدنيا، أو ذلك مقيد بمشيئة الله المذكورة في قوله تعالى: {عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} وهذا هو الصحيح من القولين، والله أعلم.

وتسمية ما يصدر من الكافر حسنة إنما هو بحسب ظن الكافر، وإلا فلا يصح منه قربة، لعدم شرطها المصحح لها، وهو الإيمان، أو سميت حسنة؛ لأنها تشبه صورة حسنة المؤمن ظاهرا، قولان أيضا. انتهى قرطبي. وما أحراك أن تنظر سورة (النور) رقم [٣٩] والفرقان رقم [٢٣] وسورة (إبراهيم) عليه السّلام [١٨].

أقول: ومعنى إطعام الكافر في الدنيا، إدرار الرزق عليه، ومده بالصحة والعافية، وسروره في هذه الدنيا، وراحة باله وهناءة عيشه وغير ذلك من نعيم الدنيا، وملذاتها، وانظر الآية رقم [١٥] من سورة (هود) عليه السّلام تجد ما يسرك ويثلج صدرك.

الإعراب: {وَما}: (ما): نافية. {مَنَعَهُمْ}: ماض، والهاء: مفعول به، والمصدر المؤول من {أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ}: في محل نصب مفعول به ثان، أو هو في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: وما منعهم من قبول نفقاتهم. {إِلاّ}: حرف حصر. {أَنَّهُمْ}: حرف مشبه بالفعل، والهاء: اسمها، وجملة: {كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ} في محل رفع خبر (أن)، و (أن) واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل رفع فاعل (منع) التقدير: إلا كفرهم، وعلى قراءة «(يقبل)» بالبناء للمعلوم، واعتبار الفاعل عائدا إلى الله فالمصدر المؤول في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: وما منعهم الله قبول نفقاتهم إلا لكفرهم بالله ورسوله. {وَلا}: الواو: حرف عطف. (لا): نافية. {يَأْتُونَ}: فعل وفاعل. {الصَّلاةَ}: مفعول به. والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {كَفَرُوا} فهي في محل رفع مثلها. {إِلاّ}: حرف حصر. {وَهُمْ}: الواو: واو الحال. (هم): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {كُسالى}: خبره مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الاسمية في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير، وجملة: {وَلا يُنْفِقُونَ} مع المفعول المحذوف معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها، والجملة الاسمية: {وَهُمْ كارِهُونَ} في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير.

{فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٥٥)}

الشرح: {فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ} أي: فلا تلتفت، ولا تنظر إلى ما نمدهم به من أموال، وبنين في هذه الدنيا، إنما هو استدراج لهم، والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ويشمل كل مؤمن،

<<  <  ج: ص:  >  >>