وفاعل، و (ما) والفعل في تأويل مصدر في محل جر بالباء، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما، واعتبار (ما) موصولة ضعيف معنى. {ثُمَّ:} حرف عطف. {لا:} نافية. {تَجِدُوا:}
معطوف على ما قبله أيضا منصوب، وعلامة نصبه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق. {لَكُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما مفعوله الأول. {عَلَيْنا بِهِ:} كلاهما متعلق ب {تَبِيعاً} بعدهما، وأجيز تعليق (به) بمحذوف حال من تبيعا. {تَبِيعاً:} مفعول به ثان.
{وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (٧٠)}
الشرح: {وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: هو أنهم يأكلون بالأيدي، وغيرهم يأكل بفيه من الأرض. وقيل: بالعقل. وقيل: بالنطق، والتمييز، والخط، والفهم. وقيل: باعتدال القامة، وحسن الصورة. وقيل: بتسليطهم على جميع ما في الأرض، وتسخيره لهم. وقيل: غير ذلك. {وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ} أي: على الإبل، والخيل، والبغال، والحمير، وهذا في الزمن الماضي، وأما في هذا الزمن فالحمل بواسطة الطائرات، والسيارات.
{وَالْبَحْرِ} أي: وحملناهم في البحر على السفن، وهذا من مؤكدات التكريم؛ لأن الله سبحانه وتعالى سخر لهم هذه الأشياء؛ لينتفعوا بها، ويستعينوا بها على مصالحهم.
{وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ} أي: لذيذ المطاعم، والمشارب، وجعل رزق غيرهم ممّا لا يخفى.
{وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً:} وينبغي أن تعلم: أن الله تعالى قال في أول الآية: {وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ} وقال في آخرها: {وَفَضَّلْناهُمْ} ولا بد من الفرق بين التكريم، والتفضيل، وإلا؛ لزم التكرار، والأقرب أن يقال: إن الله تعالى كرم الإنسان على سائر الحيوان بأمور خلقية ذاتية طبيعية، مثل: العقل، والنطق، والخط، وحسن الصورة، ثم إنه سبحانه وتعالى عرفه بواسطة العقل والفهم اكتساب العقائد الصحيحة، والأخلاق الفاضلة، فالأول: هو التكريم، والثاني: هو التفضيل.
هذا؛ ويفيد قوله: {وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ..}. إلخ أن الله فضل بني آدم على كثير ممن خلق، لا على الكل، فقال قوم: فضلوا على جميع الخلق لا على الملائكة، وهذا مذهب المعتزلة.
وقال الكلبي: فضلوا على الخلائق كلهم إلا على طائفة من الملائكة، مثل جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، وأشباههم، والقول الفصل في هذه المسألة أن خواص البشر، وهم الرسل أفضل من خواص الملائكة، وهم جبريل وميكائيل وبقية العشرة المقربين، وخواص الملائكة أفضل من عوام البشر، وعوام البشر أفضل من عوام الملائكة.
هذا؛ والبر بفتح الباء: الأرض اليابسة غير البحر، وهو بضم الباء: حب القمح وبكسرها: عمل الخير مطلقا. و (البحر): الماء الكثير، أو الملح، والجمع: بحور، وبحار، وأبحر. هذا؛ وقد ثبت